أججت القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الأردنية برفع أسعار البنزين، حركة الاحتجاجات الشعبية في العاصمة والمحافظات، ووحّدت الشعارات على رفض القرار وضرورة محاكمة الفاسدين وإعادة الأموال المنهوبة. ففي وسط العاصمة، خرجت مسيرة بمشاركة نحو 500 شخص من الجامع الحسيني تحت شعار «الدستور أولا» بتنظيم من جماعة «الإخوان المسلمين» و»تيار 36». ورغم أن الهتافات الرئيسة ركزت على قرار رفع الأسعار، إلا أن بعض المشاركين من «تيار 36» (مجموعة من المتقاعدين العسكريين) رفع شعارات تطاول القصر الملكي، وهتف بعضهم: «الشعب يريد إسقاط النظام»، الأمر الذي أثار حفيظة بعض المشاركين. والقى النائب «الإخواني» السابق جعفر الحوراني كلمة أكد فيها أن الانتخابات في البرلمانييْن السابقيْن كانت مزورة، مشيراً إلى أن رؤساء حكومات سابقين اعترفوا بالأمر. وطالب بالإصلاح، متهماً الحكومة الحالية بعدم الجدية بالإصلاح. واختارت الأحزاب اليسارية والقومية مبنى مجلس النواب في عمان للاعتصام أمامه ضد قرار رفع الأسعار، والاحتجاج على مسودة مشروع قانون الانتخاب التي سيناقشها مجلس النواب غداً. وشارك في الاعتصام نحو 200 شخص تقدمهم قادة الأحزاب في جمعة شعارها «لا لرفع الأسعار، نعم لقانون انتخاب ديموقراطي». وطالب المشاركون بالحفاظ على قوت المواطن وعدم المس به، مركّزة على شعار اليساريين القديم الجديد «خبز، حرية، عدالة اجتماعية». وفي عمان أيضاً، أعلن «حزب التحرير» المحظور في بيان له أمس تنظيم مهرجان خطابي الأسبوع المقبل في ذكرى «هدم الخلافة» تحت عنوان: «لن نرض بغير القرآن دستوراً». أما في المحافظات، فخرجت مسيرات في إربد وجرش وعجلون والطفيلة والكرك، وأصدرت «تنسيقية الحراك الأردني» بياناً حملت فيه على قرارات الحكومة وطالبت بمحاكمة الفاسدين، وانتقدت «استئثار النظام بكل السلطات وجعلها شكلية ذات مرجعية واحدة، متهمة إياه باصطناع «تيارات معارضة شكلية تختلف مع أعماله في المظهر وتوافقها في الجوهر، وذلك نتيجة حزمة قوانين فُصلت لخدمة تلك الفئة». ودان البيان الذي تُلي في كل المحافظات «استشراء الفساد واستمراء الفاسدين»، ومنتقدا الحكومة. وختم بالتهديد باستمرار الحراكات. وفي مدينة إربد شمالاً، خرجت مسيرة هي الأكبر منذ بدء الحراك المنادي بالإصلاح قبل عامين، رافضة سياسة التجويع، ومطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والكف عن السياسات التي تثقل المواطن بقوته وعمله من خلال جملة الضرائب والأسعار المرتفعة. وجابت المسيرة التي قدر عدد المشاركين فيها بثلاثة آلاف شخص، الشوارع وصولاً إلى وسط المدينة القديمة. ودعا المشاركون إلى رفض دفع الفواتير وتحميل الدولة ورموزها مسؤولية ما آلت إليه الأمور وما ستؤول إليه مستقبلاً. كما هددوا بتصعيد «من نوع آخر» اذا بقيت أجهزة الدولة متحدية الشعب في حياته اليومية وواصلت التعنت في قرارات رفع الأسعار، مشيرين إلى أنهم «سيتخذون من الإضرابات المتتالية نوعاً من التصعيد». كما طالبوا بمحاكمة رموز كبيرة في الدولة ومؤسساتها. وشهدت مسيرة الكرك الاسبوعية غضباً ووحدة في الهتافات والشعارات غير المسبوقة وبسقوف عالية تناولت رفع الأسعار في جمعة «خبز وحرية وعدالة اجتماعية». وفي الشوبك جنوباً، نُظم وقفة احتجاجية ومهرجان خطابي في جمعة «الدستور أولاً» للمطالبة بإنجاز الإصلاحات السياسية والتوقف عن الاستخفاف بالمطالب الشعبية، وصوغ قوانين ناظمة للحياة السياسية تحقق إرادة الشعب باختيار ممثليه وفق قانون انتخابي نزيه يعزز الوحدة الوطنية.