كان لتوه عائداً قبل أيام قليلة من مهرجان «كان» السينمائي ممثلاً لمصر، بصفته رئيس المركز القومي للسينما. وكان يلاحظ عليه، تأرجحه ما بين الانبهار ب «كان» من حيث مكانة المهرجان وتاريخ ورسوخ قيمه وجانبه التنظيمي ودقة المواعيد من جهة، واحترام الفن السينمائي كمعبِّر عن قيم وأفكار وصراعات الإنسانية من جهة ثانية. غير أن المخرج السينمائي المصري مجدي احمد علي الذي نتحدث عنه لم يبد في المقابل منبهراً بمستوى أفلام الدورة الأخيرة من «كان» قائلاً: «ليس هناك تلك الأفلام الكبيرة التي تندم لو فاتك مشاهدتها، كما غلب على معظم الأفلام الطابع العقلي أو الفكري، حتى الشخصيات بدت أفكاراً مجسدة، وغابت المتعة السينمائية أمام الحوارات الطويلة، لكن يبقى «كان» أهم مهرجان سينمائي وأكبر سوق للأفلام في العالم». وعن دوره كمسؤول في وزارة الثقافة المصرية بعد تسلّمه مقدرات المركز القومي للسينما، قال: «حضرت اجتماع منظمة الفرانكفونية التي تدعم صناعة السينما الإفريقية بعد أن كانت مصر لفترة طويلة، شبه غائبة عن تلك المنظمة التي تتخذ تونس مقراً لها. وسيتم التفاعل معها في القريب. كما أقمت مؤتمراً صحافياً في الجناح المصري خلال «كان» من أجل الدعاية لكل المهرجانات التي تقام في مصر مثل القاهرة الدولي والأقصر للأفلام الإفريقية. كما تحدثت مطولاً عن فعاليات الدورة المقبلة من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية 23-28 حزيران (يونيو) بصفتي رئيس المهرجان؛ معلناً انه قد تم تغيير لائحة المهرجان تماماً وتبديل طريقة إدارته وزيادة قيمة جوائزه معلناً انه سيتم عرض عدد كبير من الأفلام من مختلف دول العالم، تمثل سينمات وثقافات متباينة. وقمت بدعوة 300 ضيف من السينمائيين والإعلاميين. وللمناسبة من أخبار الإسماعيلية انه تم بالتعاون مع وزارة الشباب، توفير 150 شاشة عرض تتوزع في أنحاء المدينة ليشاهد الجمهور تلك الأفلام دون تكلفة. كما تم توفير أماكن إقامة لطلاب معهد السينما طوال فترة المهرجان. وهؤلاء سيشاركون في ورشة عمل بالتنسيق مع قناة الجزيرة. كما سيتضمن المهرجان ندوات عدة بعد كل فيلم. وشعار المهرجان هذا العام هو «الثورة في عيون الآخرين» حيث ستعرض الأفلام غير المصرية التي تعرضت لأحداث ثورة «25 يناير»، وهناك قسم آخر بعنوان «نوستالوجيا» لعرض الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة للمخرجين المصريين الكبار مثل خيري بشارة وداود عبدالسيد ومحمد خان وغيرهم. ووجهت الدعوة لحضور المهرجان لشخصيات مهمة مثل ديبورا يانج رئيس مهرجان تاورمينا ومحررة مجلة «هوليوود ريبورت»، كما إلى ممثلة منظمة الفرانكفونية وماركو مولر مدير روما، ومدير مهرجان واجادوجو حتى يكون هناك تبادل للخبرات بين كل هذه المهرجانات». واستطراداً لحديثه بصفته رئيساً للمركز القومي للسينما، أشار مجدي احمد علي إلى خطة أو مشروع قيد البحث لدعم السينما المصرية بصورة غير مسبوقة بالتعاون بين وزارة الثقافة والاتحاد الأوروبي. معلناً انه يجري حالياً التشاور مع المهتمين بالسينما، وبخاصة ما يعرف منها بالمستقلة لاستيعاب هذا الدعم بصورة جيدة،. وأعلن احمد علي أن هناك بالفعل حوالى 20 مليون جنيه تقدمها الوزارة. ويصور حالياً نحو 35 فيلماً ما بين روائي طويل وقصير من ذلك الدعم. المشروع المقبل من ناحية ثانية، خارج إطار المسؤولية الرسمية هذه وفي عودة إليه كمخرج سينمائي في الأساس تحدث مجدي أحمد علي عن مشروعه السينمائي المقبل والذي يحمل عنواناً صادماً إلى حد ما هو «الدنيا أحلى من الجنة» عن رواية للكاتب خالد البري وأحداثها حقيقية عاشها المؤلف بنفسه وتدور من حول انتمائه لجماعة إسلامية سلفية في فترة الثمانينات. وأوضح مجدي أنه لا يسعى لأي صدام أو إدانة للتيار الإسلامي، بل إن «همي هو فقط التعبير عن التجربة الإنسانية، وحتى لو كانت هناك أبعاد سياسية أو دينية في ايّ فيلم لي لا يكون ذلك داخل الحكاية إلا كجزء من الواقع اليومي للحياة». وعن تناوله لشخصية الشاب المنتمي لخلية تعمل تحت شعار الدين في فيلمه الأخير «عصافير النيل» خلص مجدي إلى أن الفيلم مأخوذ عن رواية الأديب إبراهيم أصلان، ولم يضف هو تلك الشخصية. مذكّراً بأنه كان هناك في المقابل الشاب اليساري في نفس العائلة. وتحدث صاحب «يا دنيا يا غرامي» أخيراً عن انضمامه لما يعرف بجبهة الإبداع، التي تضم عدداً كبيراً من الفنانين والأدباء، وأشار أنه سيتم تنظيم ندوة قريباً في المجلس الأعلى للثقافة تمهيداً لإقامة مؤتمر موسع يضم كل أطياف المثقفين لتدشين «مرصد الإبداع وحقوق المبدعين» كمؤسسة تدافع عن حرية الفكر. و«سندعو إلى الندوة كل التجمعات والمراكز الثقافية حتى نتخلص من الأفكار القديمة عن دور وزارة الثقافة كحظيرة للمثقفين لتصبح أكثر فاعلية في مواجهة كل هجوم شرس على الإبداع في الوقت الراهن. لا عمل بحجم الثورة وعن كثرة الأفلام التي تناولت ثورة 25 يناير، يرى مجدي أحمد علي أنه لم يتم إنتاج فيلم كبير أو أغنية أو كتاب، باستثناء قصيدة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، «لأن حدثاً عظيماً كثورة يناير يحتاج لكثير من التأمل والهضم لفهم تناقضاتها ونتائجها، فالناس مازالت متورطة في الثورة والمبدع يحتاج لأن يبتعد لمسافة ما حتى يستطيع صناعة فيلم أو غيره من الفنون»، وفي هذا الإطار تطرق أحمد علي إلى الحديث عن فيلم «بعد الموقعة» إخراج يسري نصر الله الذي عرض في المسابقة الرسمية ل «كان» حيث شاهده هناك، قائلاً: «الفيلم تم إنجازه في ظروف صعبة، بسبب التصوير داخل ميدان التحرير وسط أحداث الثورة وعرض مراتع دة في «كان» واحتفى به النقاد بشكل معقول وإن كانت توقعاتنا للفيلم كانت أكبر مما تحقق». بدأ المخرج مجدي أحمد علي حياته الفنية كمساعد إخراج مع محمد خان وخيري بشارة ويوسف شاهين وبعد حوالى 14 سنة قدَّم أول أفلامه «يا دنيا يا غرامي». ثم توالت أفلامه التالية مثل «البطل» و«أسرار البنات»، و«خلطة فوزية»، و«عصافير النيل». وهو يرى أن السينما التي يقدمها هي سينما تهتم بالبشر، بالإنسان في مجتمع مركب، «ولا أسعى لأكون مخرجاً مشهوراً أو تكوين ثروة. أنا مثقف مصري أعبر عن أفكاري عن طريق تلك الساحرة، السينما».