نيويورك (الأممالمتحدة)، لندن، باريس - «الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب - أفاد تقرير للأمم المتحدة نشر الثلثاء أن القوات السورية أعدمت أطفالاً في سن الثامنة وعذبتهم واستخدمتهم «دروعاً بشرية» خلال عمليات عسكرية ضد معارضين. في الوقت نفسه انضمت فرنسا إلى الولاياتالمتحدة وبريطانيا في التحذير من مجازر جديدة في سورية في حين شددت الحكومة البريطانية على وقف القتال بسبب تدهور «الوضع الإنساني في سورية». وأدرجت الأممالمتحدة الحكومة السورية من بين الأسوأ على قائمتها «السوداء» السنوية للدول التي تشهد نزاعات يتعرض فيها أطفال للقتل أو التعذيب أو يرغمون على القتال. وتقدر مجموعات حقوق الإنسان أن قرابة 1200 طفل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية قبل 15 شهراً ضد نظام بشار الأسد الذي تعرض لانتقادات شديدة للقمع العنيف الذي يواجه به الانتفاضة الشعبية. وقالت راديكا كوماراسوامي ممثلة الأممالمتحدة الخاصة لشؤون الأطفال في النزاعات المسلحة لوكالة «فرانس برس» قبل نشر التقرير: «نادراً ما رأيت مثل هذه الوحشية ضد الأطفال كما في سورية حيث الفتيات والصبيان يتعرضون للاعتقال والتعذيب والإعدام ويستخدمون دروعاً بشرية». وأضاف التقرير حول «الأطفال في النزاعات المسلحة» أن قوات حكومية جمعت عشرات الصبيان الذين تراوح أعمارهم بين الثامنة والثالثة عشرة قبل شن هجوم على بلدة عين لاروز في محافظة إدلب في 9 آذار (مارس) الماضي. وجاء في التقرير أن الأطفال «استخدموا من قبل الجنود وعناصر الميليشيات دروعاً بشرية فوضعوا أمام نوافذ حافلات تنقل عسكريين لشن الهجوم على البلدة». ونقل التقرير عن شهود أن الجيش والاستخبارات السورية وعناصر من «الشبيحة» طوقوا البلدة قبل شن الهجوم الذي استمر أكثر من أربعة أيام. ومن بين القتلى ال11 في اليوم الأول ثلاثة فتيان بين ال15 وال17 بينما اعتقل 34 شخصاً من بينهم فتيان اثنان في ال14 وال16 وفتاة في التاسعة. وتابع التقرير: «في النهاية، تركت القرية أرضاً محروقة بحسب ما أفيد وأردي أربعة من الموقوفين ال34 بالرصاص وأحرقوا بمن فيهم الفتيان في ال14 وال16». وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن التقرير كشف عن واحدة من «انتهاكات عدة خطيرة» بحق أطفال. وأضاف التقرير «إن أطفالاً في التاسعة في سورية تعرضوا للقتل والتشويه والاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة بما في ذلك العنف الجنسي كما أنهم استخدموا دروعاً بشرية». وتابع إن «غالبية الأطفال الذين عذبوا تعرضوا للضرب وعصبت أعينهم ووضعوا في وضعيات مرهقة وجلدوا باسلاك كهربائية ثقيلة وحرقوا بأعقاب السجائر وفي حالة موثقة تعرضوا لصدمات كهربائية في أعضائهم التناسلية». وروى شاهد على الأقل للمحققين إن فتى في ال15 تقريباً توفي من جراء الضرب المتكرر. وأشار التقرير إلى أن المدارس تعرضت مرات عدة لهجمات واستخدمت كقواعد عسكرية ومراكز للاعتقال. وأنجز التقرير قبل مجزرة الحولة في 25 أيار (مايو) حيث كان 49 طفلاً بين الضحايا ال108 بعضهم في الثانية والثالثة من العمر تعرضوا للقتل بإطلاق النار على رؤوسهم أو بتهشيم جماجمهم بواسطة أدوات غير حادة. والحكومة السورية والميليشيات الموالية لها هي واحدة من المجموعات الأربع الجديدة التي أضيفت إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة مع منظمات وأحزاب سياسية في السودان واليمن. وتشمل القائمة 52 مجموعة في 11 دولة تراوح بين الشرطة الأفغانية وشبكة حقاني وجيش الرب للمقاومة في أفريقيا الوسطى والقوات المسلحة السودانية ومجموعات متمردة في دارفور. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش من مقرها في نيويورك إن مجلس الأمن الدولي يجب أن يفرض حظراً على الأسلحة وعقوبات أخرى على نظام الأسد بسبب الانتهاكات التي يمارسها بحق أطفال. ونقلت المنظمة عن مركز توثيق الانتهاكات في سورية وهو عبارة عن شبكة من الناشطين السوريين أن 1176 طفلاً على الأقل قتلوا منذ شباط (فبراير) 2011. كما أفادت المنظمة عن «مزاعم موثوقة» تفيد بأن مجموعات مسلحة من المعارضة من بينها الجيش السوري الحر تقوم بتجنيد أطفال. وبعد يوم من تحذير الأممالمتحدة ووزارة الخارجية الأميركية من إمكانية ارتكاب النظام السوري مجازر جديدة، حذر وزير شؤون التنمية الدولية البريطاني ألن دنكان أمس من خطورة تدهور الوضع الإنساني في سورية إن لم يتم وقف العنف في هذا البلد «بشكل فوري». وقال الوزير البريطاني، خلال زيارته للحدود الأردنية - السورية إن «الوضع الإنساني في سورية يواجه خطر التدهور وبشكل ملحوظ في الأسابيع والأشهر المقبلة، إلا إذا تم وقف العنف الدائر هناك وبشكل فوري». وأضاف دنكان، في بيان صادر عن السفارة البريطانية في عمان، «تحدثت إلى أسر أخبرتني وبشكل مباشر عن الضرر المدمر والأثر المميت للعنف الدائر في القرى والبلدات في جميع أنحاء سورية». وأوضح أن «هناك آلاف القتلى والجرحى وفر العديد من ديارهم نتيجة العنف الرهيب»، محذراً من «خطر واضح بأن آلافاً آخرين سيتبعونهم في الأسابيع والأشهر المقبلة إن لم يتوقف العنف». وأكد الوزير البريطاني أن «النظام (السوري) ارتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد مواطنيه، وبريطانيا والمجتمع الدولي يوفران المساعدة التي تشتد الحاجة إليها، إلا أن الوضع سيزداد سوءاً إن لم يكن هناك وقف فوري لإراقة الدماء». وحض دانكان، وهو أول وزير بريطاني يزور الحدود الأردنية السورية «نظام (بشار) الأسد على السماح للمنظمات الإنسانية من دون قيود بالوصول للمحتاجين للمساعدة». وفي إسلام آباد قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ إن الجهود الدولية لتخفيف حدة الصراع المتصاعد في سورية تتركز على محاولة التوصل لانتقال سلمي وإن التدخل العسكري الأجنبي ليس مطروحاً. وأضاف في مؤتمر صحافي في إسلام آباد: «لا نبحث أي تدخل عسكري أجنبي، أعتقد أننا يجب ألا نفكر فيه بمنظور ليبيا أخرى». وتابع: «التشبيه الآن أقرب إلى الموقف في البلقان مثلما تتطور الأمور الآن حيث نرى النظام يستخدم الأسلحة الثقيلة ضد مناطق آهلة بالمدنيين ثم إرسال ميليشيا لتقتل وتغتال الشعب». وقال هيغ في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني خار: «كل جهودنا مخصصة لدعم انتقال سلمي في سورية و(إيجاد) حل سلمي». وأضاف: «إذا كان هناك أي حل عنيف فإنه سيؤدي بوضوح إلى عدد كبير من الوفيات وقدر كبير من المصاعب للشعب السوري». وفي باريس أعربت فرنسا عن قلقها من «أن تكون مجازر جديدة تُحضر» في سورية كما أعلنت وزارة الخارجية في وقت طالبت الأممالمتحدة بتسهيل الوصول إلى مدينة الحفة المحاصرة التي تقصفها قوات النظام السوري. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسي برنار فاليرو: «نحن أيضاً نشعر بالقلق من أن تكون مجازر جديدة تحضر» في سورية، مؤكداً في الوقت نفسه حصول اتصالات فرنسية - روسية في محاولة لإيجاد مخرج ديبلوماسي للأزمة.