لا تأخذ السينما حصّتها المناسبة من التلفزيون. نقول هذا، على رغم انتشار واشتهار عدد من القنوات التلفزيونية المُتخصِّصة ببثّ الأفلام السينمائية، الجديدة منها والقديمة، العربية والأجنبية... وعلى رغم وجود وقفات برامجية تلفزيونية، تأخذ طابعاً إخبارياً، سواء كانت على هيئة مجلات سينمائية مرئية، أم تقارير ومتابعات للجديد في عالم الإنتاج السينمائي، من أفلام ومهرجانات وجوائز، وعروض، وأعلى الإيرادات عبر شبّاك التذاكر. ليس في القول أدنى مغالاة، إذ ان غالبية ما يقدّمه التلفزيون عن السينما، ومن السينما، لا يبتعد عن الجولان المتكرر في فضاء السينما التجارية، عربية كانت أم أجنبية، مصرية وهوليوودية وبوليوودية! وتماماً بعيداً من السينما، الجادة والجيدة، باعتبارها فناً، وبعيداً من أعلامها المميزين، ومحطاتها التاريخية الراسخة، وأفلامها الأثيرة، منذ قرن من الزمان، وكذلك قفزاً أو تجاهلاً لكل ما يخصّ محاولاتها الجديدة الناهضة على أيدي سينمائيين مقبلين، جيلاً إثر آخر. تتساوى في هذه الآفة، القنوات التلفزيونية الإخبارية العتيدة، التي تُحسن قولاً في السياسة والاقتصاد، وتمعن خيبةً في مجالات الثقافة، وفي مقدمها السينما، بخاصة في عصرنا الذي من أبرز سماته أنه «عصر الصورة»، مع القنوات الحكومية الرسمية، والخاصة، والمستقلة، وذات المرجعية المحلية العربية، أصلاً وفصلاً، أم الوافدة من الخارج ناطقة باللغة العربية... لا فرق. يُدرك المشاهد المتابع في هذا الشأن، وبشيء من الحسرة، أن برامج مُتخصّصة بالموضوع السينمائي، والتي أبدت شيئاً من الطموح، في هذا الصدد، أي في مجال التعامل مع السينما باعتبارها فناً وخطاباً وسياقاً، وإضافة إبداعية بشرية عظيمة، والتي قدّمتها شاشات تلفزيونية متناثرة، لم يتوافر لها نصيب من النجاح اللازم، ولا حازت ما تروم من حُسن المتابعة، واستمراريته، وسرعان ما توارت من قوائم جداول البرامج التلفزيونية. أين تكمن المشكلة؟ نحاول الإجابة، فنتكئ على حقيقة أن السينما تحظى بمتابعات واسعة، في العالم، بل إنها في بعض البلدان تنافس كبريات الصناعات. كما أن الأرقام التي تُفصح عنها واردات بعض الأفلام، لا تترك للشك مطرحاً! فلماذا تخفق البرامج التلفزيونية عن السينما في اجتذاب اهتمام هذا الجمهور؟ يمكن برنامجاً من طراز «سينما بديلة»، الذي انطلق بثه أخيراً على شاشة «بي بي سي عربية»، أن يكون نموذجاً طازجاً لما نقول، إذ ان هذا البرنامج ما زال يمرّ أسبوعياً، بهدوء، ومن دون أدنى ضجيج، وهو البرنامج الذي انطلق بطموح كبير، كما يبدو، ويُوحي بقوة من خلال عنوانه، وموضوعات حلقاته الأولى، بأنه يريد التوقّف أمام «السينما البديلة»، التي يصنعها مخرجون شباب، آتون من خارج السياق السائد، وطامحون إلى ما هو مختلف وبديل وجدّي، في عالم الأفلام. ليس بالنيات تنجح البرامج التلفزيونية... حتى لو كانت عن السينما.