ضربت «المجازر المتنقلة» إلى منطقة درعا حيث أوقعت 17 قتيلاً في حين واصلت القوات السورية النظامية السبت محاولاتها للسيطرة على عدد من المناطق الخارجة عن سيطرتها في حمص واللاذقية، فيما ذكرت الأممالمتحدة أن المراقبين الذين زاروا القبير في حماة شاهدوا آثار المذبحة في منازل القرية وتنشقوا رائحة اللحم المحروق نتيجة المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً غالبيتهم من الأطفال والنساء. وصعدت روسيا موقفها وأعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف تمسك بلاده بموقفها حيال الأزمة السورية، وأقر بأن خطة مبعوث الجامعة العربية والأممالمتحدة إلى سورية كوفي أنان تتعثر، واتهم «لاعبين خارجيين» بأنهم «يساندون بشكل مفتوح وعلني المجموعات المسلحة للمعارضة ويطالبون في الوقت ذاته المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حاسمة لتغيير النظام في سورية». وقالت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة» ان موسكو تسعى عملياً لتوفير مظلة دولية ل «طائف سوري» على غرار الاتفاق الذي أدى إلى إنهاء الحرب في لبنان وضمن اعادة توزيع حصص المكونات في السلطة وأرفقها بضمانات. وسيشهد الأسبوع الجاري اعتباراً من يوم غد مشاورات تمهيدية قد تسبق عرض مشروع قرار على مجلس الأمن الثلثاء يستهدف فرض عقوبات إضافية على أركان النظام السوري. وتحدثت مصادر عدة عن تعرض مدينة درعا لقصف عنيف بالأسلحة الثقيلة من قبل قوات النظام السوري في ساعات متأخرة من ليل الجمعة، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى بينهم عائلة كاملة، وتهدم عدد كبير من المنازل. وأكدت لجان التنسيق سقوط أكثر من 40 قتيلاً، وعدد كبير من الجرحى، في قصف عنيف تعرض له حي درعا البلد في محافظة درعا من قبل جيش النظام. واستهدف القصف النساء والأطفال، فيما عمد الجيش النظامي إلى خطف النساء والجرحى لاستفزاز الأهالي، واعتقال الأطباء لمنعهم من الوصول إلى الجرحى، وسط حالة ذعر بين الأهالي خشية ارتكاب قوات الأمن وجيش النظام المزيد من الانتهاكات بحق أهالي تلك المنطقة. وقال متحدث من مدينة درعا في اتصال مع محطة «العربية»، إن من بين القتلى عائلة قتلت بالكامل وبقي رب الأسرة، الذي ظهر في أحد مقاطع الإنترنت يتوعد بالثأر لعائلته. وأشار المتحدث إلى أن القصف الذي تعرض له حي البلد وقرية طفس والمسيفرة، أدى إلى تهدم عدد كبير من المنازل جراء قصفها بمدافع الهاون. في محافظة اللاذقية واصلت القوات النظامية لليوم الرابع قصفها ومحاولتها اقتحام منطقة الحفة، ما أسفر عن مقتل شخصين بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أشار إلى أن حصيلة قتلى الهجوم على الحفة في الأيام الأخيرة بلغت 16 مدنياً و18 منشقاً و46 جندياً نظامياً. وأضاف «المرصد» أن المعارك في الحفة أسفرت السبت عن مقتل وجرح العشرات من القوات النظامية، فيما ذكر ناشطون في اللاذقية أن عشرات سيارات الإسعاف تنقل المصابين في صفوف القوات النظامية من خطوط المواجهات إلى المدينة. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أن المنشقين الذين يقاتلون في الحفة، ومعظمهم عسكريون تابعون للمجالس العسكرية للجيش السوري الحر في الداخل، يتحصنون في مواقعهم ويستحكمون في استهداف القوات النظامية التي تحاول الاقتراب من مواقعهم. ونقل التلفزيون السوري عن مصدر رسمي أن «المجموعات الإرهابية المسلحة» أخرقت المشفى الوطني في الحفة ومديرية المنطقة، وأنها «تهجر الأهالي من منازلهم وتسطو عليها وتنهبها كما هاجمت مؤسسات عامة وخاصة في المنطقة وأحرقتها وارتكبت عمليات قتل بشعة في حق المواطنين». وفي مدينة حمص وسط البلاد، واصلت القوات النظامية قصفها ومحاولتها السيطرة على أحياء الخالدية وجورة الشياح والقرابيص والقصور الخارجة عن سيطرتها منذ أشهر، وقتل 7 أشخاص منذ منتصف ليل الجمعة السبت. وأشار المرصد من جهة أخرى إلى العثور على جثمان رجل «موال للنظام مذبوحاً قرب مدينة داعل بعدما خطفه مسلحون مجهولون». وفي حلب (شمال)، تتعرض بلدتا حيان وبيانون لقصف القوات النظامية ما أسفر عن مقتل مواطن وإصابة أربعة بجروح، وسقط ثلاثة عناصر من الجيش في اشتباكات على مداخل حيان، وفقاً للمرصد السوري. وكان المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي ذكر في بيان الجمعة أن المراقبين الذين زاروا موقع مجزرة القبير في حماة شاهدوا آثار المذبحة في بعض المنازل. وأضاف أن المراقبين رأوا آثار آليات مصفحة ومنازل متضررة في شكل كبير نتيجة قصف بصواريخ وقذائف يدوية وأسلحة أخرى. وتابع أنه «في بعض المنازل، كانت هناك دماء على الجدران والأرض وكانت هناك نيران ما زالت مشتعلة خارج بعض المباني وانتشرت في الهواء رائحة قوية للحم محترق». وفي موسكو أقر وزير الخارجية الروسي بأن خطة أنان تتعثر، إلا أنه أكد أن الكرملين لا يرى بديلاً منها، لافتاً إلى عدم وجود سقف زمني لها. ورداً على سؤال «الحياة» حول تعديلات مقترحة على خطة أنان قال لافروف إن بلاده تعتبر من الضروري إدخال إضافات على الخطة تشتمل على آليات للرقابة على كل الأطراف بهدف الوصول إلى وقف العنف، لكنه رفض تحديد فكرة تحديد سقف زمني للخطة، معتبراً أنها «نوع من الضغط». وقال إن التسوية الفلسطينية الإسرائيلية لم يتم تحديد سقف زمني لها «فلماذا ينبغي أن يحدد في الشأن السوري». وانتقد بقوة من وصفهم بأنهم «لاعبون خارجيون» قال إنهم «يساندون بشكل مفتوح وعلني المجموعات المسلحة للمعارضة ويطالبون في الوقت ذاته المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حاسمة لتغيير النظام في سورية». واعتبر أن تشجيع المعارضة على زيادة الأعمال القتالية يبعث لدى المعارضين الأمل بتدخل أجنبي يكرر السيناريو الليبي». وحذر لافروف من وصول الوضع في سورية إلى حافة «حرب أهلية شاملة»، مؤكداً أن «موقفنا لن يتغير ولن نسمح بأن يمنح مجلس الأمن غطاء لاستخدام القوة». ونفى صحة معطيات عن تزويد دمشق بأسلحة تستخدم ضد المعارضين، مؤكداً أن السلاح الروسي الذي يصدر إلى سورية هو أنظمة دفاع جوية يمكن استخدامها فقط لصد هجوم خارجي. إلى ذلك، أعلن عبد الباسط سيدا، المرجح انتخابه اليوم رئيساً ل «المجلس الوطني السوري» في إسطنبول انه يريد «إصلاح المجلس وجعله ممثلاً حقيقياً لجميع السوريين». وقال: «سنواصل إصلاحاتنا وسنعيد تشكيل المجلس من جديد». وأكد سيدا، وهو كردي عضو في المكتب التنفيذي ل «المجلس»، إن «المجلس سيعمل مع المجتمع الدولي وسيدعم الجيش السوري الحر»، مشيراً إلى أن «المجلس» بصدد البحث في وضع خطة كاملة. وتحدث عدد من مسؤولي المجلس عن «توافق» لاختيار سيدا رئيساً له إذا لم تحصل مفاجأة.