سنوات دراسة طويلة وصفنها ب «الطريق الشاق والوعر»، وعلى حد تعبير بعض من حصلن على شهادة الماجستير. أما نهاية الطريق فكانت «مسدودة»، مبينات أن طموحاتهن الكبيرة في الحصول على وظائف، تعوض تعب السنوات، «ذهبت أدراج الرياح، وأحلامنا باتت سراباً»، متسائلات عن المسؤول عن ظاهرة البطالة المتفشية بين خريجات الدراسات العليا، وإن لم يكن هناك مكاناً يستوعبهن فلماذا تم فتح المجال لهن لإكمال الدراسات العليا، «ألسنا أحق بالتوظيف من غيرنا في المفاضلة؟ وبأي معيار يتم التوظيف؟». وتؤكد هاشمية، التي أنهت قبل ثلاث سنوات دراسة «جغرافية التنمية الإقليمية»، وحصلت على درجة الماجستير في هذا التخصص، أنها واجهت «صعوبات كثيرة للحصول على درجة الماجستير، منها بذل الجهد والوقت في الدراسة، إضافة إلى الكلفة المادية للمواصلات بين المنطقة الشرقيةوالرياض، إذ أنهيت دراستي في جامعة الملك سعود، كما تحملت إيجار السكن هناك، والأهم من ذلك أنني تركت زوجي وأولادي، لأقطن في الرياض». وتحملت هاشمية كل ذلك، من أجل الحصول على وظيفة، وواجهت صعوبات عدة، على أمل أن تعوض عليها «مشقات السنين، لكن - مع الأسف - لم يتحقق الحلم. كما نتعرض للسخرية بسؤال البعض: «ما فائدة دراسة الماجستير سوى هذر الوقت؟». وتضيف هاشمية، التي مضى على تخرجها ثلاث سنوات، «كنت خلال هذه الفترة مثابرة على التقديم لدى وزارة الخدمة المدنية، كلما سنحت الفرصة، وحصلت على رقم طلب، واستدعيت للمفاضلة مرتين». ولم تكن انتصار أحمد، أفضل حالاً من سابقتها، فبعد حصولها على الماجستير هي وزميلتها زينب حبيب، في مجال الجغرافيا السياحية، مرت ثلاث سنوات من دون بارقة أمل، وتشيران إلى أن ما يحدث ليس إلا إهداراً لطاقات وطنية، «ما الذي ستتعلمه الأجيال المقبلة منا، ونحن نشكل لهم أنموذجاً من عشرات بل آلاف الخريجين والخريجات، الحاصلين على الماجستير؟ ألا يشكل لهم ذلك دافعاًَ للتقاعس عن إكمال الدراسات العليا؟ وفي كل مرة نتوجه لوزارة الخدمة المدنية، نأمل أن نجد من يعي حقيقة المأساة التي نعيشها، ولكن من دون جدوى». ولم يشفع لليلى حسن معدلها العالي، في الحصول على وظيفة بعد حصولها على الماجستير في «الفيزياء النووية» من جامعة الملك سعود. وتقول: «سهرت الليالي للحصول على أعلى الشهادات، وحصلت على معدل «4.38» من أصل خمسة. وتحملت بُعدي عن زوجي وأبنائي، لإنهاء الدراسة، التي استمرت أربع سنوات، وبعد كل تلك التضحيات كان أملي أن أجد وظيفة مناسبة، وأن يكون جهدي محل تقدير واهتمام، ولم أفقد الأمل، على رغم حال الحزن والأسى التي أعيشها». وتستدرك: «لم أصل بعد إلى مرحلة الندم على السنوات التي تركت فيها أطفالي». وتتساءل ليلى: «هل تتحقق أمنيتي، أم يطول الانتظار، وتتلاشى الأحلام؟». ولم تحصل بدرية سعود، على وظيفة بشهادة البكالوريوس، فاختارت أن تكمل، لتحصل على الماجستير في «جغرافية العمران والسكان»، أملاً منها أن تخولها هذه الدرجة في الحصول على وظيفة، إلا أنها تؤكد أن طلبها الوظيفة «يقابل بالتجاهل. ولا أجد مبرراً لهذا التجاهل، ولا سيما أن درجاتي عالية، ما يؤهلني لأكون مُعيدة، ولدي عدد من التوصيات الأكاديمية التي تشيد بمستواي العلمي والبحثي، فيما يوجد عدد من أعضاء هيئة التدريس غير السعوديين في الجامعات السعودية، وفي التخصص الدقيق الذي حصلت عليه». ودعت بدرية، إلى النظر بجدية في مسألة توظيف خريجات الدراسات العليا في الجامعات السعودية، ومراكز البحوث، والجهات الحكومية التي تحمل الطابع والتخصص ذاته». وتضيف: «ما زالت البطالة تنهش عظامنا، وتؤرق مضاجعنا، مند أكثر من سبع سنوات». ووجهت كلامها لوزارات الخدمة المدنية، والتعليم العالي، والتربية والتعليم «حقوقنا بين أيديهم، وكلهم مسؤول عنا، وما هكذا تكرم الكفاءات الوطنية». وقد تكون سميرة محسن، الحاصلة على الماجستير في «جغرافية علم الخرائط»، محظوظة على حد تعبيرها، لأنها تسلمت إعانة «حافز» كي تحظى بالدعم المالي. وتقول: «تم استبعاد بعض الحاصلات على الماجستير من الإعانة، لأنهن تجاوزن ال30»، منوهة إلى أن «حافز»، وضع للباحثين عن العمل، وفي المقابل يحصل عليه خريجو الثانوية العامة وحملة البكالوريوس، ونحن نستثنى لأننا قضينا سنوات عمرنا في الدراسة، والأدهى من ذلك؛ إنه تم توظيف حملة البكالوريوس في التخصصات التي درسوها، ونحن نجلس في بيوتنا، لنندب حظنا».