يعود المؤلف مجدي صابر بعد غياب لثلاثة أعوام إلى الدراما التلفزيونية التي كان احد أبرز فرسانها من خلال مسلسلات حققت نجاحاً لافتاً، ومن بينها «العائلة والناس» و «الرجل الآخر» و «للعدالة وجوه كثيرة» و «أين قلبي» و «حرس سلاح» و «فريسكا» و «شط إسكندرية» و «نور الصباح» وغيرها. وتأتي عودته من خلال ثلاثة مسلسلات رمضانية، هي «ابن موت» و «سلسال الدم» و «ويأتي النهار». ويقول مجدي صابر ل «الحياة» ان ظروفاً إنتاجية ورقابية كانت وراء تأجيل تنفيذ مسلسلاته إلى العام الجاري، وأنه كتبها على مدار سنوات، ويتناول كل منها قضايا تختلف شكلاً ومضموناً عن الآخر. ويشير إلى أن مسلسله الأول «ابن موت» الذي يلعب بطولته خالد النبوي وعلا غانم ومحمد نجاتي ويخرجه سمير سيف كان تأجل تنفيذه بسبب انتقاده وادانته للنظام السابق. وزاد انه أول مسلسل يناقش مشاكل الشباب في مصر وضياع حلمهم في مستقبل جيد بسبب الظروف التي كانت سائدة قبل «ثورة 25 يناير» وذلك من خلال شخصية شاب يدعى «جابر الخواجة» تخرج من الجامعة وانتظر عشرة أعوام لتمنحه الدولة قطعة أرض لاستصلاحها، ولكن يتم الاستيلاء على أرضه وأرض كل الخريجين الشباب، ما يدفعه للهروب من الوطن ومحاولة بدء حياة جديدة خارج مصر. أما مسلسله الثاني «سلسال الدم» (بطولة عبلة كامل ورياض الخولي وعلا غانم وفادية عبد الغني وهادي الجيار وإخراج مصطفى الشال)، فيناقش قضايا صعيدية، ومنها قضية الثأر وأهمية التخلص من هذه العادة التي تتسبب في حرمان بطلة العمل «نصرة» أقرب الناس اليها، فتأخذ على عاتقها محاولة استعادة حقها من دون إراقة قطرة دم في مواجهة قوى شر طاغية، وتنجح من خلال دهاء المرأة في أن تحطم حجارة قوى الشر هذه كل يوم خلال 30 عاماً، إلى أن ينهار جبل الشر في النهاية. ويوضح مجدي صابر أن هذه هي المرة الأولى في مشواره التي يكتب فيها مسلسلاً صعيدياً. «أنا أصلاً من مواليد محافظة سوهاج، ولا يزال يعيش جزء كبير من عائلتي في صعيد مصر، وأتردد عليهم في شكل منتظم، وكانت لدي رغبة منذ وقت طويل في كتابة مسلسل عن الصعيد إلى أن عثرت على الموضوع المناسب». ويشير الى ان مسلسله الثالث «ويأتي النهار» (من بطولة عزت العلايلي وفردوس عبدالحميد وعزت أبو عوف وحسين الامام وإخراج محمد فاضل) عبارة عن بطولة جماعية لشخصيات تقدم بانوراما للمجتمع المصري قبل «ثورة يناير»، بدءاً من الطبقات الفقيرة والمهمشة مروراً بالطبقة الوسطى وحتى طبقة الأثرياء الجدد الذين وصل بعضهم الى الثراء في شكل فاحش من خلال علاقته بالسلطة وبطرق فاسدة نتيجة سرقة قوت الشعب. ويكشف أنه بدأ كتابة المسلسل بعد اندلاع الثورة بشهور قليلة، وأنه كان محاولة للإجابة عن السؤال: لماذا نشأت الثورة؟ أو لماذا كان يجب أن تنشأ؟ و «يستعرض العمل الكثير من الأحداث التي مرت بمصر قبل الثورة سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم دولية، اما البداية فمن خلال تظاهرات عمال شركة غزل المحلة، والدعوة التي أطلقت آنذاك من قبل بعض الناشطين السياسيين للعصيان، ففي رأيي، هذا اليوم كان البروفة الحقيقية للثورة، إذ حدثت صدامات بين المتظاهرين والشرطة». ويوضح صابر أن المسلسل يتناول شخصيات منها الناشط السياسي والحقوقي والوزير وبائعة الشاي البسيطة التي لا تجد قوت أولادها، واهل الصحافة وما تعرضوا له من مطاردات وسجن بسبب آرائهم السياسية. ولا يرى صابر أن تنامي التيارات الدينية في مصر يمكن أن يؤثر سلباً على الدراما، ف «هذه ليست المرة الاولى التي يحدث فيها صدام بين الفن وأي نوع من القيود، فخلال النظام السابق كانت المحاذير سياسية والصدامات المستمرة لم تمنع ظهور اعمال فنية تخترق هذا المنع وتتحداه. واعتقد بأن هذا الأمر سيستمر من خلال الصدام بالتيار الديني المتشدد، وفي النهاية أثق أن الغلبة ستكون للفن، فلا أحد يستطيع منع الفن والابداع لأنه جزء من الخبز اليومي للشعب». ويؤكد أن الدراما المصرية استردت عافيتها أخيراً، ويقول: «الاشارات كانت واضحة في العام الماضي وما قبله، من طريق دخول الشباب إلى صناعة الفيديو، وأصبحنا نشاهد تميزاً في الإضاءة والتصوير الخارجي والنزول إلى الشارع، كما ان المواضيع تنوعت، وهذا كله غيّر وجه الدراما، الأمر الذي كنا نفتقده أمام سطوة الدراما السورية التي كانت تتميز بكل العناصر السابقة». ويطالب صابر بألا يقتصر عرض المسلسلات على شهر رمضان فقط. «ليس في مصلحة هذه الأعمال عرضها في وقت واحد بسبب التزاحم الشديد الذي يعجز معه المشاهد عن المتابعة جيداً، والمسألة تحتاج إلى وقفة تنظيمية لتحقيق هذا الأمر».