يؤكد سلوك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، غداة «الانتصار» الذي سجله على اليمين المتشدد بإسقاط مشروع القانون الذي تم تقديمه الى الكنيست لإضفاء الشرعية على بؤر استيطانية مقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة، أنه يتجه الى تعزيز البناء في المستوطنات الكبرى ليعوّض المستوطنين عن إخلاء بعضهم ممن يقيمون على أرض فلسطينية خاصة بقرار من المحكمة العليا. وأكدت تصريحاته غداة التصويت على إسقاط المشروع أنه ماضٍ في تعزيز الاستيطان في الأراضي المحتلة، وأنه عمل على إسقاط القانون من أجل تفادي تعريض إسرائيل إلى محاكمة جنائية دولية، ليس أكثر. ويميز أركان الدولة العبرية بين المستوطنات التي أقامتها الحكومات المتعاقبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويرتع فيها أكثر من نصف مليون مستوطن ويعتبرونها «قانونية»، وبين بؤر استيطانية عشوائية أقامها المستوطنون من دون إذن رسمي من الحكومة وترتع فيها أعداد قليلة من المستوطنين وتعتبر «غير قانونية»، رغم أن القانون الدولي لا يعترف بهذا التمييز ويرى في جميع المستوطنات في أراضٍ محتلة غير قانونية بينما المحكمة الجنائية الدولية تعرّف استيطان دولة احتلال في أرض محتلة «جريمة حرب». ولم يكتفِ نتانياهو بوعده المستوطنين في الشقق السكنية الثلاثين في المباني الخمسة في «حي هأولبناه» في مستوطنة «بيت إيل» التي سيتم نقلها إلى أرض محاذية يسيطر عليها الجيش، ببناء 300 شقة سكنية داخل مستوطنة «بيت إيل»، إنما أعطى الضوء الأخضر لوزير البناء والإسكان أريئيل أتياس بنشر مناقصات لبناء 551 وحدة سكنية جديدة أخرى في خمس مستوطنات منتشرة في الضفة الغربية. وأفادت تقارير صحافية بأن الجيش الإسرائيلي انتهى من وضع خطة إخلاء المستوطنين من حي «هأولباناه» قبل نهاية الشهر الجاري ويستعد بأعداد كبيرة من أفراده لنقل المباني الخمسة، تحسباً لصدامات عنيفة مع المستوطنين الذين أعلنوا أنهم لن يسمحوا بإخلائها ودعوا الآلاف من أنصارهم للوقوف إلى جانبهم. وأضافت أن الجيش سيقوم بتطويق مستوطنة «بيت إيل» عند الإخلاء لمنع توافد مستوطنين من خارجها لمواجهة الجيش، وسيتم الإعلان عن حي «هأولبناه» منطقة عسكرية مغلقة. الى ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» أمس، أن المحكمة العليا ستنظر قريباً في التماسات لإخلاء 18 بؤرة استيطانية مقامة على أرض فلسطينية خاصة، متوقعةً أن تقر إخلاء بعضها كما فعلت مع «حي هأولباناه» وبؤرة «ميغرون» الاستيطانية، علماً أن الحكومة أبلغت المحكمة انها تعتزم إضفاء الشرعية القانونية على 13 من هذه البؤر، تماماً كما فعلت مع عشرات البؤر الأخرى في السنوات الأخيرة. وأضافت الصحيفة أن الحكومة تواجه، في المقابل، صعوبات في إضفاء الشرعية على خمس بؤر أخرى مقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة. واشنطن وباريس تنددان من جانبها (أ ف ب)، دانت فرنسا إعلان نتانياهو بناء مئات من الوحدات الاستيطانية في الضفة، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «ندعو نتانياهو الى الامتناع عن تنفيذ هذه الاعلانات. ونكرر ان الاستيطان بجميع اشكاله غير شرعي بموجب القانون الدولي ويقوض أسس حل الدولتين ويشكل عقبة في طريق السلام». وأشار الى ان بعض هذه المستوطنات التي سيتم فيها البناء «بعيدة عن حدود عام 1967 في وقت ينبغي فيه الحرص أكثر ما يكون على تجنب الاستفزازات واستئناف الحوار بين الطرفين». وكانت الولاياتالمتحدة نددت مساء أول من امس بقرار نتانياهو بناء 300 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «بيت إيل»، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن «مواصلة الاستيطان في الضفة يقوض جهود السلام ويتعارض مع تعهداتإسرائيل وواجباتها». وأضاف: «موقفنا من الاستيطان لم يتغير. لن نقبل بتشريع مواصلة الاستيطان من جانب إسرائيل». وأوضح أن بناء الوحدات السكنية الجديدة «يعيق التقدم نحو أي نوع من الاتفاقات التي يريدها في نهاية المطاف كل الناس هنا، وأهم من ذلك الطرفان»، مضيفاً: «على الأقل هذا ما يدعيان بأنهما يريدان حصوله». ودانت الرئاسة الفلسطينية «بشدة» قرار نتانياهو، وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة لوكالة «فرانس برس»: «ندين بشدة إعلان نتانياهو قراراً استيطانياً جديداً في الأراضي الفلسطينية». وتابع أبو ردينة الذي يرافق الرئيس عباس في زيارة لباريس، أن هذا القرار «يعطل جهود دفع السلام وهو قرار يعطل جهود دفع عملية السلام التي ترفض إسرائيل الالتزام بها وبخريطة الطريق وكل قواعد عملية السلام القائمة على العدل. و»يبقي المنطقة في حال عدم استقرار سببها مواقف حكومة إسرائيل التي تتحدى الشعب الفلسطيني وقيادته والأمة العربية والشرعية الدولية».