ألقى المجلس العسكري الحاكم في مصر بثقله أمس على خط أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وأمهل حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، صاحب الأكثرية النيابية يومين لإنهاء الأزمة والاتفاق على تشكيل الجمعية التي تضم 100 عضو بحسب الإعلان الدستوري، مهدداً بالتدخل بإصدار إعلان دستوري مكمل يحدد فيه معايير تشكيلها. وعقد رئيس المجلس المشير حسين طنطاوي اجتماعاً أمس مع أحزاب، قاطعه حزب «الحرية والعدالة» وأحزاب أخرى، أبلغهم خلاله بأنه لن يسمح بإجراء جولة إعادة الانتخابات الرئاسية المقررة في 16 و17 الشهر الجاري من دون أن تتشكل الجمعية التأسيسية. لكنه شدد على التزام الجيش تسليم السلطة إلى رئيس منتخب، ودعا إلى قبول النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع. وأكد الجنرالات أنهم لن يسمحوا «بانقلابات على الديموقراطية»، في إشارة إلى رفضهم فكرة المجلس الرئاسي المدني التي تطرح قوى ثورية تشكيله. وحذر رئيس البرلمان سعد الكتاتني أمس جنرالات الجيش من أن «إصدار أي إعلان دستوري مكمل أو تعديل المادة 60 من الإعلان الدستوري (الخاصة بمعايير التأسيسية) سيمثل اعتداء على سلطات البرلمان». وقال إن «الشعب المصري ومنذ 23 كانون الثاني (يناير) الماضي استرد سلطة التشريع كاملة من خلال هذا البرلمان ولا يمكن لأحد أن يتعدى على هذه السلطة بإصدار مراسيم بقوانين أو إعلانات دستورية». وأضاف أن «البرلمان لن يتهاون في ذلك ولن يفرط في حقه، ولم يصل إلى علمه عزم العسكري على إصدار إعلان دستوري مكمل حتى الآن». وكان النائب ممدوح إسماعيل ألقى بياناً عاجلاً حذر فيه من استعداد المجلس العسكري حالياً لإصدار إعلان دستوري مكمل، مشيراً إلى أن هذا «يمثل تجاوزاً على سلطة مجلس الشعب، ولو حدث فإن المجلس العسكري يلغي سلطة مجلس الشعب التشريعية». وغابت عن اجتماع المجلس العسكري أحزاب «الحرية والعدالة» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «غد الثورة» و «الوسط»، فيما حضرت أحزاب أبرزها «النور» السلفي و «الوفد» و «المصريين الأحرار» و «الكرامة» و «التجمع» و «العدل» و «الجبهة الديموقراطية»، كما شارك أربعة نواب غير حزبيين هم مصطفى بكري وماريان كمال وياسر القاضي ومحمد أبو حامد. وقال أبو حامد ل «الحياة» إن الاجتماع «ركز على بحث أزمة تأسيسية الدستور وحتمية صدور معايير تشكيلها قبل جولة الإعادة». ونقل عن جنرالات الجيش تشديدهم على أنهم «لن يسمحوا بجولة الإعادة من دون حسم التأسيسية، ولوحوا باستصدار إعلان دستوري تكميلي يتضمن معايير تشكيل التأسيسية، إضافة إلى بعض النصوص التي تنظم صلاحيات الرئيس وعلاقته بالحكومة والبرلمان». غير أن هذا التلويح رفضه في شدة ممثل حزب «النور» الذي عرض التدخل لدى قيادات «الحرية والعدالة» لإنهاء الأزمة، وهو الأمر الذي وافق عليه قادة الجيش والقوى السياسية الذين أمهلوا «الحرية والعدالة» حتى غدٍ الخميس لإنهاء الأزمة والإسراع في استصدار قانون ينظم عملية تشكيل اللجنة من البرلمان، مهددين بالاجتماع مجدداً للاتفاق على معايير واستصدارها في إعلان دستوري مكمل. وعما يثار عن تشكيل مجلس رئاسي، قال أبو حامد ل «الحياة» إن «المشاركين في الاجتماع تداولوا في هذه الأمور في كلماتهم واجمعوا في شكل قاطع على أن المجلس الرئاسي ليس له غطاء شرعي، وأن الثورة قامت لترسيخ لسيادة القانون، وأنه لا يمكن إغفال إرادة الناخبين، كما اعتبروا أنه لا يصح أن ينقلب من خرجوا من السباق الانتخابي على نتائج الاقتراع». وأشار إلى أن ممثل «النور» تطرق إلى مسألة عدم تنقية الكشوف الانتخابية من أسماء الموتى والعسكريين وعناصر الشرطة ورفض تسليمها للمرشحين للرئاسة حتى الآن، فدافع عضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين عن زيادة أعداد الناخبين من انتخابات مجلس الشعب إلى الرئاسيات، وشدد على أن الرئاسيات «لم تشوبها شائبة، ولا صحة لما يتم تداوله بخصوص تصويت عسكريين». ونقل أبو حامد عن طنطاوي أنه «تحدث بلهجة حاسمة عن إجراء جولة الإعادة في موعدها، وعن انهم ملتزمون بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب وأنه لن يسمح بتعطيل التحول الديموقراطي». وأشار النائب أنور السادات إلى أن الاجتماع انتهى إلى تفويض كل من رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي ونائب رئيس حزب «النور» السيد مصطفى ورئيس حزب «المصريين الأحرار» احمد سعيد، «للحديث إلى قادة الحرية والعدالة ونقل ما خرج به الاجتماع لمحاولة الوصول إلى توافق بين القوى السياسية ينهي أزمة تأسيسية الدستور قبل اجتماع الأحزاب مع المجلس العسكري» غداً. في المقابل، أكد رئيس حزب «الوسط» أبو العلا ماضي أن مرشح «الإخوان» للرئاسة محمد مرسي أبدى خلال اجتماعه أول من أمس مع المرشحين السابقين عبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي، استعداده لتقليل حصة «الحرية والعدالة» في الجمعية التأسيسية. وأوضح أن مرسي «رحب بشدة بسرعة إنجاز تشكيل التأسيسية قبل انتخابات الإعادة»، واعدًا بتوصية ممثلي «الحرية والعدالة» بالتجاوب مع القوى السياسية لسرعة انجاز المشروع. واتفق النائب المستقل وحيد عبدالمجيد مع حديث ماضي، مؤكداً أن «الحرية والعدالة» أبدى أمس مرونة نحو إنجاز تشكيل التأسيسية، مشيراً إلى أنه تداول مع قادة ونواب «الحرية والعدالة» و «النور» والقوى المدنية «ونأمل بإنهاء تلك الأزمة خلال ساعات». في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية أن عدد المصريين المغتربين الذين أدلوا بأصواتهم في أول يومين من الاقتراع في انتخابات الإعادة الذي يستمر حتى السبت المقبل، بلغ 50 ألف ناخب، أي نحو 10 في المئة من الناخبين المسجلين في الخارج. وواصل أمس مرشح «الإخوان» محمد مرسي نشاطه الانتخابي بلقاءين الأول مع قيادات نسوية أبدى خلالة استعداده لأن يكون أحد نوابه امرأة «لتكون شريكاً أساسيّاً في السلطة التنفيذية». وشدد على أن «نجاح المرأة ورفع الأعباء عن الأسرة المصرية سيكونان بداية حقيقية لنهضة مصر. والمرأة كمواطن مصري لها كل الحقوق بالتساوي مع الرجل وعليها الواجبات نفسها وتقوم بدورها بغض النظر عن عملها، سواء كانت ربة منزل أو أستاذة في الجامعة أو محامية أو سيدة أعمال». والتقى مرشح «الإخوان» الذي تصدر نتائج الجولة الأولى مجموعات من القبائل العربية تعهد لها «منح القبائل العربية في مصر حقوقها في تملك أراضيها التي تقيم عليها». وقال إن «القبائل العربية ظُلمت كثيراً في العهد البائد وحُرمت من أبسط حقوقها».