يلتقي لبنان وأوزبكستان، المنتخبان الجريحان اللذان خسر كل منهما على أرضه امام قطر وايران على التوالي، بطريقة مباغتة وبهدف من دون ردّ، الجمعة المقبل في بيروت في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الآسيوية الأولى ضمن تصفيات الدور الرابع الحاسم لكأس العالم 2014 لكرة القدم. وعلى رغم الاجماع على ان لبنان «أهدى» قطر فوزاً أجج الانتقادات التي يواجهها المدير الفني لمنتخب لبنان الألماني ثيو بوكير، و«طريقته العشوائية» في إدارة التشكيلة وخياراته وتأخره في إجراء تبديلات، يبدو واضحاً ان «العلة الكامنة» في الخطوط اللبنانية تتمثل في «ضعف الحيلة» التي تطيح بالخطط والتكتيكات المنشودة، ما ينعكس بطئاً في نقل الكرة بين الدفاع والهجوم، على رغم تسيّد «أصحاب الأرض» غالبية فترات مباراتهم الأولى مع قطر. وما ظهر جلياً أيضاً أن صانع الألعاب ومهندس خط الوسط رضا عنتر المصاب (لاعب شاندونغ الصيني)، شكّل ولا يزال القلب النابض للمنتخب اللبناني. وهذا ما يجاهر به بوكير من دون التقليل من جهد الآخرين. صحيح أن «العنابي» تطلّع إلى فوز خارج قواعده، في ظل تشديد مدربه البرازيلي باولو أوتوري على أن منتخبه «مطالب بأن يلعب بروح المجموعة لتخطي حماسة اللبنانيين ومؤازرة جمهورهم الكبير (حوالى 40 ألف متفرج)». لكنه كان مقتنعاً ب«النقطة الواحدة»، والخروج من دون إجهاد أو إصابات قبل لقاء كوريا الجنوبية في الدوحة الجمعة. وظهر ذلك عبر تحركات اللاعبين القطريين وطريقة بناء هجماتهم، فيما انكمش اللبنانيون أحياناً من دون مبرر وغالوا في الاحتفاظ بالكرة، وأهدروا فرصتين محققتين في الشوط الأول، وأخرى «غالية جداً» في الدقيقة الأخيرة كادت أن تحمل لهم نقطة «عزاء وإنعاش». ويؤكد فنيون أن النتيجة الأمثل للبنان كانت حصد 6 نقاط من مباراتيه المقررتين على أرضه قبل موقعة كوريا في غووانغ الثلثاء المقبل، أو جمع 4 نقاط (من فوز وتعادل) يجعل الورقة اللبنانية قوية في هذه المجموعة على الأقل في المنافسة على المركز الثالث «التأهيلي». وحين دفع بوكير، ولو متأخراً، بحسن المحمد وحسن شعيتو ونادر مطر، سعى إلى رفع وتيرة السرعة الهجومية، لكن من دون طائل في ظل تكتل دفاعي قطري وفق أسلوب الجدارين المتحركين. أما الخطأ الفادح «الساذج» الذي ارتكبه الظهير الدولي رامز ديوب بإرجاعه كرة بطيئة تلقفها سباستيان سوريا وخطفها في شباك زياد الصمد «المتألق» باعتراف أوتوري نفسه، فهي «غلطة الشاطر بألف». وكما بكى ديوب ندماً على خطأه، يخشى أن يندم الجميع على «إهدار فرصة»، على غرار إهدار وارطان غازاريان «فرصة مقشرة» أمام شباك تايلاند في تصفيات مونديال 2002، كادت أن تقود منتخب لبنان إلى آفاق بعيدة في تصفيات المونديال، وتقلب حال اللعبة رأساً على عقب. واللافت أن «اهتزازات» الدفاع اللبناني غالباً ما تربك الخطط وتطيح بالتطلعات. كما أن خط الهجوم يفتقد «مدفجياً» يرعب الخطوط الخلفية، وهذه خامة غير متوافرة في الملاعب اللبنانية حالياً. وقبل موقعة كوريا، يواجه لبنان منتخباً اوزبكياً مكتمل الصفوف عينه على جسر آمان معبّد، تاركاً لمضيفه مطبات سيول. أما المتفائلون فيعودون بالذاكرة إلى خسارة لبنان بستة أهداف في غووانغ في مستهل المرحلة الثالثة من التصفيات، قبل الانتفاضة وتقويم الاعوجاج تدريجاً. أول من أمس، ضحك أوتوري في سره. فالمدرب الساعي إلى بناء منتخب منسجم ذهنياً بالدرجة الأولى تلقى جرعة معنويات غير منتظرة. فقد اربكت تشكيلته حسابات بوكير المطالب بإعادة ترتيب أوراقه والردّ ميدانياً على منتقديه، من دون إغفال فارق الإمكانات على مختلف الصعد بين «المنتخبين الشقيقين».