أرضت هيئة التحكيم الدولية في لاهاي أمس طرفي السلام السوداني، المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية»، بقرارها إعادة ترسيم حدود أبيي المتنازع عليها بين شمال البلاد وجنوبها. ورغم أن القرار قلّص مساحة أبيي من 18500 كلم مربع إلى نحو عشرة آلاف متر، ومنح حقول النفط الأساسية لشمال البلاد، إلا أن الجنوبيين كانوا راضين بدورهم كونهم سيتحكمون على الأرجح بالإقليم من خلال قبيلة الدينكا التي ستختار، في الغالب، الإنضمام إلى الجنوب في الاستفتاء المقرر في 2011. كما أن الجنوبيين يقولون إن ثروات النفط ليست محصورة في المنطقة التي مُنحت للشماليين. وسارعت الحكومة السودانية و «الحركة الشعبية» الى الترحيب بقرار محكمة لاهاي وتعهدتا تنفيذه. وكان مطلوباً من المحكمة أن تحدد ما إذا كان الخبراء الذين تولوا ترسيم حدود أبيي العام 2005 قد تجاوزوا التفويض الممنوح لهم وفق «بروتوكول أبيي» وأضافوا مساحة جديدة إلى منطقة أبيي شمال الحدود التي تركها الاستعمار حين خروجه العام 1956. كما كان مطلوباً من المحكمة أن تقدم رؤيتها لحدود أبيي وفق الوثائق التي قدمها الطرفان المتنازعان. وخلصت المحكمة إلى أن الخبراء تجاوزوا جزئياً تفويضهم في شأن الحدود الشمالية، ولم يتجاوزوه في شأن الحدود الجنوبية، فيما تجاوزوا ذلك التفويض بشأن الحدود الشرقية والغربية، ما جعل المحكمة تعيد ترسيم تلك الحدود. وأقرت المحكمة بحقوق الرعي والحقوق الثانوية للقبائل في منطقة أبيي، ودعت شريكي الحكم في السودان إلى التزام الحكم. وأشار رئيس محكمة التحكيم الدولية في لاهاي بيار ماري دوبوي إلى أن «الطبيعة النهائية والملزمة للحكم حاسمة لمواصلة عملية السلام»، داعياً طرفي النزاع إلى تشكيل لجنة مشتركة مهمتها وضع علامات الحدود على الأرض. واعتبر رئيس الوفد الحكومي إلى لاهاي الدرديري محمد أحمد قرار المحكمة «انجازاً وانتصاراً كبيراً وتأكيداً على أن صدقيتنا في محلها» خصوصاً في شأن أن تقرير الخبراء الذي رفضته الخرطوم بعد صدوره العام 2005 كان خارج التفويض وينذر بتجدد الحرب بين الشمال والجنوب. وأوضح أن قرار المحكمة أخرج كامل حقول النفط في هجليج عن منطقة أبيي، مما يُعتبر انجازاً مهماً. وسيكون الفصل في بقية الأراضي التي لا تزال ضمن منطقة أبيي في يد أهلها سواء قرروا الانضمام إلى الجنوب أو البقاء في الشمال من خلال الاستفتاء الذي سيجري في نهاية 2011 والذي ستشارك فيه قبيلة المسيرية العربية جنباً إلى جنب مع قبيلة الدينكا. أما ممثل «الحركة الشعبية» نائب رئيس حكومة جنوب السودان الدكتور رياك مشار فقال عقب النطق بالحكم: «لم يخب أملنا جراء القرار. أعتقد أنه قرار متوازن سيؤدي الى ترسيخ السلام في السودان».