تحوّل الجدل الدائر في المغرب حول إقرار قانون يمنح الحصانة للعسكريين أثناء أداء مهماتهم إلى نقاش حقوقي، في ضوء طلب البرلمان استشارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في قضية تُثار للمرة الأولى. وتمنى الأمين العام للمجلس المحامي محمد الصبار على البرلمان «تحديد المهمة المناطة بالجيش ومدى مطابقتها القانون بالنسبة إلى الظروف التي يتم فيها اللجوء إلى الجيش، وكذلك طبيعة التدخل وفترته الزمنية ونوعية الوحدات العسكرية». كما طالب بتحديد المؤسسة التي تُصدر أمر التدخل والمحكمة المختصة في حال حصل خرق للقانون وانتهاك لحقوق الإنسان. وأضاف الصبار أمام ورشة نقاش حقوقي يرعاها مجلس حقوق الإنسان: «على البرلمان إصدار قوانين ذات صلة بالترخيص أو المهمات قبل القيام باعتقالات أو استخدام الأسلحة»، ملمحاً إلى ضرورة «ملائمة مهمات حفظ النظام العام والمعايير والمبادئ الحقوقية والقانون الدولي الإنساني». ورأى أن الإشكالات المطروحة في مشروع القانون، بخاصة بنده السابع الذي يضمن حصانة العسكريين وذويهم أثناء أداء مهماتهم، تتناول مدى مطابقته للدستور والقانون الجنائي وقانون القضاء العسكري ونظام الانضباط العام للقوات، إضافة إلى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تركّز على «عدم الإفلات من العقاب»، وملاءمة القانون للاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من المواثيق التي صدّق عليها المغرب أو بصدد التصديق عليها. إلى ذلك، عرض خبراء مجلس حقوق الإنسان أمام نواب في البرلمان المغربي إلى سلبيات منح «حصانة مطلقة» للعسكريين، وأكدوا وجود «ثغرات» في مشروع القانون المعروض أمام لجنة نيابية لدى مقارنته بالالتزامات الدولية للمغرب، ما يعزز الاتجاه نحو تعديل بعض فصوله. ويشكّل التصويت على مشروع قانون حصانة العسكريين أول امتحان لحكومة رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران كونه ثاني مشروع بعد الموازنة المالية يُعرض على البرلمان. وكان لافتاً أن نواباً في كتلة «العدالة والتنمية» أبدوا بدورهم ملاحظات مثل المطالبة بتعديل بعض فصول المشروع. ولاحظ مراقبون أنها المرة الأولى التي يجري فيها نقاش علني بخلفيات حقوقية في موضوع المؤسسة العسكرية التي كثيراً ما وُصفت بأنها «بكماء» لا تتحدث، ما يوحي بحدوث تغيير كبير في التعاطي وقضايا الشأن العام.