لا تختلف حال البيئات الساحلية والبحرية العربية عما يحدث في دولها، إذ تعاني الشواطئ العربية التي يصل طولها إلى 22 ألف كيلومتر من التلوّث والصيد الجائر والبناء العشوائي. وتُقدر نسبة السكان الذي يعيشون في المنطقة العربية على بعد 100 كيلومتر من تلامس البحر مع اليابسة، بما يزيد على 63 في المئة من إجمالي السكان. وتتحمل البحار عربياً معاناة خاصة من التلوّث بالنفط والمنتجات البترولية. وجاءت هذه المعلومات في تقرير صدر أخيراً من جامعة الدول العربية، أفاد أيضاً بأن مضيق هرمز تعبره أكثر من 25 ألف ناقلة سنوياً تحمل قرابة 60 في المئة من إجمالي صادرات النفط عالمياً. وكذلك تعبر البحر المتوسط سنوياً قرابة 220 ألف سفينة زنة كل منها تفوق 100 طن متري. وتلقي هذه السفن بحمولة تصل إلى250 ألف طن متري من النفط نتيجة عمليات الشحن وغسل الخزانات وتنظيف أسطح السفن، إضافة إلى تصريف النفط والوقود في المنطقة. واعتبر التقرير أن البحر الأحمر هو الأكثر تضرراً بهذا النوع من التلوّث. إذ يتلقى قرابة 14.61 كيلوغراماً في المتر المربع سنوياً، ما يضعه في مقدمة قائمة البحار الأكثر تلوّثاً، مع الإشارة الى أن المعدل الوسطي لهذا النوع من التلوث لا يزيد على 19.7 كيلوغراما في المتر المربع سنوياً. تلوّث بمعادن ثقيلة أورد التقرير عينه أن نسبة الملوّثات السامة من المعادن الثقيلة في البحار، ازدادت 300 في المئة من عام 1950 و1990، على رغم ميلها للتراجع حاضراً. وحذّر التقرير من عدم مراعاة البعد البيئي عند إنشاء مشاريع ساحلية سياحية، على غرار ما حدث على سواحل البحر الاحمر. إذ أُزيل 6.55 كيلومترات مربعة من الشعاب المرجانية بين ميناءي الغردقة وسفاجة، بأثر من نشاطات سياحية غير مستدامة. وفي المقابل، أضافت البحرين 40 كيلومتراً مربعاً لأراضيها، وبنيت «جُزُر النخل» في دبي بمساحة 120 كيلومتراً مربعاً. ونبّه التقرير إلى المخاوف البيئية التي تثيرها هذه المشاريع الساحلية الضخمة، خصوصاً ما يتصل منها بتأثيرات تجريف الرمل، وإعادة ردم السواحل وغيرها. وحذر من أن الآثار الإيكولوجية لهذه النشاطات قد لا تظهر في المدى المنظور، لكنها تضرب عمق التوازن البيئي، عبر تأثيراتها سلباً على السبخات والجزر، والشعاب المرجانية، والأعشاب البحرية، وتجمعات أشجار المانغروف، ومسطحات المدّ والجزر، والطحالب البحرية، والبحيرات الساحلية والكثبان الرملية. وتعتبر سلطنة عمان أكثر الدول العربية غنى في التنوّع البيولوجي للأسماك والشعاب المرجانية. تليها السعودية ثم مصر. وأسست الدول العربية المُطلّة على البحر الأحمر هيئة اقليمية للحفاظ على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن. وتتشارك الدول المُطِلَّة على البحر المتوسط في خطط ومبادرات متنوّعة، مثل «مبادرة آفاق 2020» التي تهدف إلى الحدّ من تلوث بحار هذه الدول. وعلى رغم كثرة البرامج والإستراتيجيات والمبادرات، إلا أن التحسّن يجري ببطء، فيما يسير التدهور بسرعة كبيرة. أي آفاق موصدة تنتظر سواحل العرب وبحارهم؟ مجرد سؤال.