علمت «الحياة» من مصادر قريبة من الحكومة العراقية وأخرى من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أن التيار الصدري مهدد بانشقاقين، أحدهما داخل السجون، حيث تستقطب الحكومة قياديين في «المجموعات الخاصة»، والآخر في ايران بقيادة الناطق السابق باسم الصدر علي سميسم. وقالت المصادر ل «الحياة» إنها تقود والقوات الأميركية حوارات لاستقطاب عناصر مجموعتي «عصائب أهل الحق» و «كتائب حزب الله/ العراق» اللتين أسسهما الصدر عامي 2006 و2007، وأطلقت عليهما القوات الأميركية اسم «المجموعات الخاصة». لكنهما «لم تنجحا حتى الآن في اقناع قادة هذه الفصائل بتشكيل خط سياسي مستقل عن الصدر شرطاً لاطلاقهم، على رغم الاعتراف بهم كعناصر في المقاومة الوطنية». وزادت أن «عناصر المجموعتين في السجون الاميركية، ولا سيما في معتقل كروبر قرب مطار بغداد، تخضع منذ شهور لبرامج تأهيل مدنية لدمجها في العملية السياسية من خلال حركات أو أحزاب تعمل باسم تيار الصدر من دون أن تكون مرتبطة بمقتدى نفسه». وزادت ان «هذه التحركات شملت حسن سالم وعلي دقوق (لبناني) القياديين في حزب الله الذي يتزعمه الناطق السابق باسم الصدر الشيخ أحمد الشيباني المقيم حالياً في دولة مجاورة، اضافة الى استمرار الاتصالات مع زعيم عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي المعتقل بتهمة التورط في عمليات خطف واغتيال جنود أميركيين وموظفين بريطانيين عام 2006». من جهتها، أعلنت لجنة متابعة وتنفيذ المصالحة الوطنية التي يشرف على عملها مباشرة رئيس الوزراء نوري المالكي في بيان امس أن «الحكومة تجري حوارات في اطار المصالحة الوطنية مع كل من يؤمن بالعملية السياسية ضمن الدستور والقوانين ويتخلى عن العنف». وكشفت اللجنة للمرة الأولى وجود اتصالات مع مجموعات مسلحة شيعية. منها «فصائل أهل الحق التي أبدت استعدادها للانخراط في العملية السياسية». لكن يبدو أن جهود الحكومة تثير شكوك تيار الصدر بعد ورود معلومات عن انشقاق في صفوفه وتشكيل مجموعة سياسية تضم «معتدلين»، بحسب مصادر حكومية. ويرى تيار الصدر في استخدام مصطلح «معتدلين» في وصف «الجماعات الخاصة» محاولة لقلب المعادلة واعتبار المجموعات التي تتلقى أوامرها من الصدر «تياراً متطرفاً». وانتقد القيادي في «جيش المهدي» الشيخ أبو محمد الساعدي الحكومة لأنها «تكيل بمكيالين». وتساءل: «بالأمس كانت العصائب والكتائب خارجة عن القانون ومتطرفة ومدعومة من ايران، واليوم أصبحت معتدلة». ولفت الى أنه «فيما تحاول الحكومة استمالة قيادات في تيار الصدر، تواصل مطاردة أتباعه يومياً باسم فرض القانون». ووصف «ما يجري بأنه مساومات داخل المعتقلات لإطلاق عناصر الخط الصدري». وقال «إنه زواج مصلحة لن يدوم طويلاً»، في اشارة الى اتصالات مع مساعدين سابقين للصدر. ورأى أن «الفوز الكبير الذي تحقق لتيار الصدر في الانتخابات الأخيرة على رغم تأخر مساندته قائمة الأحرار، أرعب قوى شيعية متنفذة». أما رئيس كتلة الصدر في البرلمان النائب عقيل عبد حسين، فأكد أن «تيار الصدر لا يمكن أن يتشظى أو يتجزأ». وأوضح في تصريح إلى «الحياة» تعليقاً على تقارير عن انشقاق «المجموعات الخاصة» وتفاهمها مع الحكومة أن «البنية الداخلية للتيار ثابتة. والتيار لم يعقد أي صفقات مع الحكومة لاستمالتها من اجل اطلاق المعتقلين». وعن موقف مكتب الصدر من الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق» المعتقل وما يدور حول عملية اطلاقه مقابل تشكيل تيار جديد لا يتبع لمقتدى الصدر، اكتفى بالقول إن «الخزعلي من القيادات المهمة في تيار الصدر وتعرض للظلم من قوات الاحتلال التي اعتقلته». وكانت تقارير صحافية أكدت تشكيل جبهة داخل تيار الصدر باسم «مجلس شورى العلماء» لكن عضو الامانة العامة للمجلس يوسف الناصري نفى في تصريح الى «الحياة» أن يكون التشكيل الجديد «انشقاقاً» على الصدر. وقال إن المجلس «صورة للتوحد داخل الوسط الشيعي للتحاور مع الآخرين وليس انشقاقاً على أحد». وقال إن «ما تناقلته تقارير صحافية عن اعلان 200 شخصية معتدلة من التيار الصدري، نحن منهم، الانشقاق وتشكيل نواة لحركة سياسية عار عن الصحة. ويأتي ضمن محاولات استهداف التيار». وما يزيد الغموض الذي يلف الانشقاقات داخل تيار الصدر، قول مصادر مطلعة على هذا الملف ل «الحياة» إن انشقاقاً آخر داخل التياروقع منذ شهور بقيادة الرئيس السابق لهيئته السياسية علي سميسم، وإن مساعدين سابقين للصدر بينهم عدنان الشحماني ووزير الصحة السابق عبدالمطلب محمد صالح استُقطبوا لمصلحة الحركة الجديدة. وكشفت المصادر أن مرجعاً دينياً مقيماً في ايران يرعى هذا الانشقاق في ضوء قرب تحول مقتدى الصدر الذي يدرس هناك الى مرجع لدى اكماله دراسته الحوزوية. وأضافت أن هناك حزباً سياسياً عراقياً نافذاً يحاول منذ شهور إجراء اتصالات لفصل قيادة التيار الصدري عن مقتدى وتوزيعها على مرجعيات أخرى بعضها من عائلة الصدر نفسه.