بين التهدئة واللا تهدئة، عاد الفلسطينيون في قطاع غزة أمس الى استئناف حياتهم شبه الطبيعية، فرحلت عين الى القاهرة تتابع بحذر وقلق تعثر المفاوضات بسبب تعنت الموقف الاسرائيلي، وأخرى تابعت الطائرات الاسرائيلية والعدوان المتواصل لليوم الرابع والثلاثين على التوالي. وفتحت الاسواق والمحال التجارية ومعها الكثير من المؤسسات أبوابها، فيما استمر نزيف الدم الفلسطيني، إذ ارتفع عدد الشهداء الى 1917، وبلغ عدد الجرحى 9880. وأعلن الناطق باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري في تصريح مقتضب عصر أمس أن «هناك اقتراحاً مصرياً لتهدئة لمدة 72 ساعة لاستكمال المفاوضات»، مشيراً الى أن «الاقتراح قيد الدرس، والأمور مرهونة بمدى جدية الموقف الإسرائيلي». وحمّل سامي أبو زهري رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو «المسؤولية الكاملة عن عدم نجاح مفاوضات القاهرة بعد تصريحات أدلى بها في شأن استمرار العملية العسكرية بغزة». وكان اعتبر في تصريح سابق أن «نتانياهو يتحمل كل التداعيات المترتبة على فشل مفاوضات القاهرة»، وقال إنه «فشل في المعركة، وليس للمهزوم فرض أي شروط مسبقة»، مشدداً على أن «الشعب الفلسطيني صامد، ولن يخضع للحماقات الاسرائيلية». وأشادت وزارة الداخلية في غزة بالصمود والثبات الكبير اللذين «يتمتع بهما الشعب الفلسطيني في قطاع غزة»، مؤكدة أن «وسائل الحرب النفسية الإسرائيلية التي استخدمها الاحتلال طوال أيام العدوان الماضية لم تهزمهم أو تخيفهم». وقالت في بيان أمس إن «الشعب الفلسطيني تمتع بوعي كبير، ولم يستجب نداءات الاحتلال، وتشبث في منازله وبيوته ولم يتركها». وقالت الشرطة في غزة في بيان أمس إنها نشرت عناصرها في مراكز لإيواء النازحين الذين أمرتهم قوات الاحتلال عبر مناشير من الجو أو اتصالات هاتفية، بإخلاء منازلهم تباعاً منذ بداية العدوان في الثامن من الشهر الماضي. وقال الناطق باسم الشرطة أيمن البطنيجي إن «انتشار الشرطة داخل مراكز إيواء النازحين جاء بعد التكدس الكبير للناس داخلها، الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض المشاكل بين المواطنين في ظل نقص امدادات المياه والحاجات الخاصة بهم». وقال الناطق باسم «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (اونروا) عدنان أبو حسنة ل «الحياة» إن «هناك 240 ألف نازح لا يزالون، حتى الآن، يقيمون في 90 مدرسة تابعة لأونروا في كل مناطق القطاع». وانتقد رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر موقف البرلمانات العربية والإسلامية والاتحادات البرلمانية، واعتبر انه «لا يرقى إلى مستوى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني». ولفت في تصريح أمس إلى أن «معظم الدول العربية والإسلامية لم تعقد جلسة برلمانية خاصة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولم تسع الى ممارسة ضغوط حقيقية على حكوماتها لإجبارها على اتخاذ مواقف جادة تجاه ما يحدث في غزة». وأشار إلى مواقف بعض البرلمانات الأجنبية «مثل برلمان دولة تشيلي والبرازيل وبعض البرلمانيين الأوروبيين، إضافة الى موقف دولة الإكوادور وبعض دولة أميركا الجنوبية بسحب السفير، وكانت لها مواقف مشرفة لم تتخذها الدول العربية والإسلامية». الى ذلك، أغلقت سلطات الاحتلال أمس معبر «كرم أبو سالم» التجاري الوحيد في القطاع الى أجل غير مسمى بزعم إطلاق النار باتجاهه من القطاع. وبإغلاقه، يُحرم الفلسطينيون من استيراد المواد الغذائية والأدوية والوقود والسلع المختلفة. اربعة شهداء ميدانياً، استمر القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي المتقطع أمس على المناطق المختلفة في القطاع، لليوم الثالث على التوالي بعد انتهاء التهدئة الموقتة صباح الجمعة، واستمرت 72 ساعة. واستشهد أربعة فلسطينيين أمس، من بينهم طفل، والموظف في مركز «الميزان» لحقوق الانسان أنور الزعانين، ما رفع حصيلة العدوان الى 1917 شهيدا، و9880 جريحاً. ووفق تحقيقات مركز «الميزان»، فإن «طائرة حربية اسرائيلية من دون طيار أطلقت صاروخاً واحداً ظهر أمس تجاه طاقم قسم المياه التابع لبلدية بيت حانون شمال القطاع، كان في مهمة اصلاح خطوط المياه في بداية شارع القرمان، ما تسبب في إصابة الطاقم المكون من شخصين من فنيي قسم المياه، هما مجدي موسى شبات (41 سنة)، وسفيان خليل أبو هربيد (40 سنة)، إضافة إلى الزميل أنور أحمد مصطفى الزعانين (43 سنة)» الموظف في المركز بجروح. وبعد ساعات قليلة من نقلهم الى المستشفى، استشهد الزعانين. كما واصلت فصائل المقاومة الرد على العدوان بإطلاق صواريخ وقذائف هاون على مواقع عسكرية ومستوطنات في نطاق قريب من القطاع، بوتيرة أقل بكثير من الأيام السابقة. ومنذ انتهاء التهدئة الموقتة الجمعة الماضي، لم تعلن «كتائب القسام» اطلاق أي صاروخ على اسرائيل. إلى ذلك (أ ف ب)، استشهد طفل فلسطيني صباح أمس قرب مدينة الخليل جنوبالضفة الغربيةالمحتلة. وقال مصدر طبي: «قتل الطفل خليل محمد العناتي (11 عاماً) في مخيم الفوار» جنوب شرق الخليل. وقال شهود إن الفتى قتل برصاص الجيش الإسرائيلي، في وقت أوضح عمه يوسف العناتي: «جاءت دورية من الجيش إلى المخيم قرب منزلنا حيث توجد بئر ماء، ولا نعلم ما الذي كانت تفعله هناك». وأضاف وهو يبكي: «كان يلعب عند مدخل المنزل، وفجأة سمعنا صوت رصاص، وبعدها صرخ ووقع على الأرض»، مشيراً إلى أن الطفل أصيب برصاصة في ظهره خرجت من بطنه. وتجمع العشرات من أقارب الطفل أمام المستشفى الأهلي في الخليل حيث شيع جثمانه بعد ظهر أمس. ويأتي مقتل الطفل بعد يومين متتاليين من المواجهات في الضفة بين قوات إسرائيلية وفلسطينيين احتجاجاً على العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية ضد قطاع غزة.