قدّم وزير العدل والحريات في المغرب مصطفى الرميد صورة قاتمة عن أوضاع القضاء في بلاده، أكان ذلك على صعيد البطء في تنفيذ الأحكام بخاصة ما يطاول الإدارة وشركات التأمين أو على مستوى تزايد أعداد المتابعين احترازياً، أو في نطاق تدبير الموارد البشرية والبنيات والمرافق. وقال الرميد في مداخلة أمام «هيئة الحوار الوطني لإصلاح القضاء» إن 43 في المئة من السجناء الذين يزيد عددهم على 38 ألف متهم متابعون في إطار الاعتقال الاحترازي، ما يطرح إشكالات الملاءمة وتفعيل الآليات البديلة للاعتقال. ورأى المحامي البارز المنتسب إلى حزب «العدالة والتنمية»، أن مثل هذه الأوضاع يحتّم الارتقاء بدور الادعاء العام «في توفير الحماية وضمان احترام الحقوق والحريات والاهتمام بشكاوى المواطنين وتظلماتهم». ودعا إلى تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة «وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين الأشخاص المكلفين تنفيذ القانون». وعرض المسؤول الحكومي تزايد عدد القضايا المطروحة أمام محاكم المملكة والذي بلغ ما يزيد على ثلاثة ملايين جرى البت في حوالى 2,5 مليون منها أي بنسبة تزيد على 72 في المئة. وكشف أن نسبة 20 في المئة من الأحكام تبقى من دون تنفيذ. وتحدث عن انتشار الهيئات القضائية المتعددة الاختصاص، موضحاً أن البلاد تعاني نقصاً ملحوظاً في أعداد القضاة (حوالى 4 آلاف، أي بمعدل 12 قاضياً لكل مئة ألف نسمة)، ما يزيد في تراكم الملفات والقضايا التي تتطلب التعجيل والحسم والتنفيذ. ورأى أن ضعف الموازنة المخصصة للقطاع «يؤثر سلباً في جهود الإصلاح ومبادراته». وجاء تقرير وزير العدل والحريات متزامناً وبدء حوار وطني لإصلاح منظومة القضاء، من خلال تشكيل هيئة تضم خبراء ومسؤولين ومحامين، عهد إليهم العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى التصديق على اختيارهم إعداد تصورات شاملة لإصلاح القضاء على كل المستويات في ظل استمرار الانتقادات الموجهة إلى بطء صدور الأحكام وغياب المحاكمات العادلة ووجود المزيد من الثغرات في ضمان استقلالية السلطات القضائية. ويُعتبر مصطفى الرميد رابع وزير في القطاع يباشر مهماته المرتبطة بإصلاح هذه المنظومة بعد كل من الوزراء السابقين محمد الناصري (مستقل) وعبدالواحد الراضي ومحمد بوزوبع (الاتحاد الاشتراكي). وصرح الرميد الذي عُرف بدفاعه عن معتقلين إسلاميين، بأنه على استعداد لتقديم استقالته في حال أخفق في الإصلاح. إلى ذلك، طالبت جمعية الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين برحيل المندوب السامي لإدارة السجون حفيظ بن هاشم. وجاء ذلك بعد تنفيذ وقفة احتجاجية أمام إدارة السجون انتقدت ما يتعرض له السجناء من هدر الكرامة والتضييق على السجناء. ونفّذ أعداد من المعتقلين سلسلة إضرابات عن الطعام للمطالبة بتحسين أوضاعهم. كما صدرت تقارير عن منظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان انتقدت طرق التعاطي والسجناء المعتقلين. وفيما بدأت لجنة نيابية درس مشروع قانون بمنح الحصانة للعسكريين، أفادت مصادر من حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض أن كتلته النيابية طلبت استشارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في قضية تتطلب ملاءمة القوانين المغربية والمنظومة الدولية. وعزا نواب الحزب المعارض الموقف إلى كون العمليات العسكرية خارج الوطن ترتبط باحترام القانون الدولي، في حين أن مشروع القانون المعروض «لا يضع أي تقييد للعمليات العسكرية داخل الوطن». ويأتي الجدل حول حصانة العسكريين في وقت تعرضت فيها أوضاع حقوق الإنسان في البلاد إلى المزيد من الانتقادات. على صعيد آخر، وجّهت الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والفيديرالية الديموقراطية للعمل مذكرة مشتركة إلى رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران. وعلى رغم أن موضوعها يطاول إرجاء بعض فصول الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية والمقاولات، فإن المذكرة تندرج في سياق تنسيق الخطوات بين المركزيتين، ما يؤشر إلى بدء صفحة جديدة في التقارب النقابي الذي يُنذر وفق مصادر عدة بتصعيد المواجهة مع الحكومة. وانتقدت صحيفة الاتحاد الاشتراكي أمس موقف بن كيران إزاء تظاهرة «مسيرة الكرامة» يوم الأحد، وقالت إنه سخر منها، في إشارة إلى ما نُقل عنه من أن «فاتح مايو (الأول من أيار) لم يمر عليه عام كامل». وكتبت الصحيفة: «من سخرية الأقدار أن بن كيران لا يرفع صوته سوى ضد العاطلين وطالبي العمل ولا يستطيع أن يرفعه حيث يجب».