على دأب عادتها سنوياً، تصدّت «منظمة الصحة العالمية» لظاهرة التدخين في الشرق الأوسط في مناسبة «اليوم العالمي لمكافحة التبغ» No Tobacco Day. وسلّطت المنظمة الضوء على جوانب مختلفة لانتشار عادة التدخين، ما جعل التبغ وباءً متفشيّاً في بلدان إقليم شرق المتوسط كافة. وتميّزت نشاطات المنظمة هذا العام، بأن ركّزت على شركات صناعة التبغ، معتبرة إياها سبباً أساسياً لهذا الوباء، مشيرة إلى أن هذه الشركات «تتفرّد» بصنع المنتج الوحيد عالمياً الذي يقتل نصف من يستخدمونه بانتظام! وأشارت المنظمة أيضاً إلى أن شركات صناعة التبغ تُمعن في محاولاتها لإيقاع زبائن جدد في حبائلها، بهدف زيادة أرباحها وتقويض الجهود التي تُبْذَل من أجل مكافحة التبغ. ولاحظت المنظمة أيضاً أن هذه الشركات ترصُد النشاطات والجهود التي تبذل في مكافحة التبغ، كي تنتهز السانحة للدخول على خط إرباك هذه الجهود. 6 ملايين قتيل سنوياً أعطت المنظمة دليلاً على هذا التربص، بالإشارة إلى أن الشركات تلوّح بزيادة التهرّب، حين يجري التشديد على ضرورة زيادة الضرائب على التبغ. وفي بيان تفصيلي، أوضح المكتب الإقليمي للمنظمة أنه «عندما ندعو إلى مكافحة آفة التبغ، لاتّباع سياسات التحرُّر من التدخين، تقترِِح الشركات تصميم باحات للتدخين. وعندما نصدر تحذيرات صحية، تُمارِس الشركات ضغوطاً على أصحاب القرار. وعندما ندعو إلى فرض حظر شامل على الإعلان عن منتجات التبغ، تتحايل الشركات بوسائل لا تحصى، على وسائل الإعلام. وعندما نُلِح على حظر زراعة التبغ، فإنها تحذّر من البطالة. وعندما تُقْتَبَس من وثائقها الداخلية بعض العبارات، فإنها تدّعي أنها رضخت لمطالبنا... إن رضوخ شركات صناعة التبغ يعني فقدانها عملها المتمثّل ببيع ستة تريليون سيكارة سنوياً، ما يدرّ إيرادات سنوياً على الشركات وصلت إلى 614 بليون دولار في عام 2009. وبعبارة أخرى، تواصل شركات صناعة التبغ توسيع نطاق أعمالها وتضخيم قاعدة زبائنها، على رغم معرفتها التامة بأن عملها لن ينمو إلا عندما يعتاد صغار الشباب من الزبائن الجدد على تعاطي التبغ، فهؤلاء هم الذين يحتلون مكان من يقلع عن التدخين أو من يموت بسببه». وفي السياق عينه، أشارت المنظمة إلى أن تعاطي التبغ هو إدمان يفضي إلى المرض والموت. ووثّقت وفاة 6 ملايين شخص لأسباب تتصل بتدخين التبغ في أشكاله كافة. وذكّرت بأن التدخين من عوامل الخطر المحورية في العبء الناجم عن الأمراض غير السارية. وفسّرت هذا الأمر بالعلاقة بين التدخين وأمراض القلب، والأورام الخبيثة، والأمراض الرئوية المزمنة، وغيرها من الأمراض غير السارية، والتي تعتبر من الأسباب الرئيسية للوفيات ولحالات العجز، التي يمكن تجنّبها. وأبدت المنظمة أسفها من واقع أن الأمراض غير السارية تسبّب ستين في المئة من إجمالي الوفيات عالمياً، يحدث 80 منها في بلدانٍ نامية. وبكلمات لا تحتمل اللبس، حضّت «منظمة الصحة العالمية» على ضرورة مكافحة تعاطي التبغ وتجنّبه. وأوضحت المنظمة أن «المنطلق الوحيد الذي يعتمد عليه هو «اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية في شأن مكافحة التبغ»، إضافة إلى الدلائل الإرشادية الخاصة بهذه الاتفاقية، التي ترمي لتنفيذ «المادة خمسة – ثلاثة» المتعلّقة بحماية سياسات الصحة العمومية من مصالح شركات صناعة التبغ». ولاحظت المنظمة أن القوانين والتدابير الصارمة تمثّل الطريق الوحيد للتصدّي لتدخلات شركات صناعة التبغ في سياسات الصحة العمومية، خصوصاً تلك التي تُركّز على تلافي هذا الوباء الذي يسبِّب أعداداً من الوفيات أكثر مما تسبِّبه أكثر الحروب تدميراً. * المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية - إقليم شرق المتوسط