مرت العلاقة بين جماعة «الإخوان المسلمين» والقوى الثورية بمحطات صعبة على مدار 15 شهراً بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، فبعد أن كانت كل الفصائل متحدة في ميدان التحرير على هدف واحد هو «إسقاط النظام» باتت متفرقة حول أهداف عدة، خصوصاً بعد أن قاطع «الإخوان» الميدان وفضلوا العمل السياسي اعتماداً على نجاحهم في الانتخابات البرلمانية والسيطرة على غرفتي البرلمان. إلا أن الطرفين وجدا نفسيهما في تحالف اضطراري لمواجهة آخر رؤساء حكومات الرئيس المخلوع أحمد شفيق في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ينافسه فيها مرشح «الإخوان» محمد مرسي. وتعددت الأحداث التي سببت استقطاباً حاداً بين «الإخوان» من جهة والقوى الثورية من جهة أخرى إلى أن أتت اللحظة التي بات فيها «الإخوان» في حاجة ماسة إلى دعم شباب الثورة للظفر بالمقعد الرئاسي، وفي سبيل ذلك أطلقوا دعوة إلى الحوار والتوافق الوطني حول أهداف الثورة. وبدأت العلاقة ترتبك بين «الإخوان» وشباب الثورة منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي رفضها الشباب وأيدها «الإخوان» وحشدوا لها على أساس ديني وتطور الخلاف بعد أن اقترب «الإخوان» من المجلس العسكري الحاكم وقاطعوا غالبية المليونيات التي دعا إليها الشباب، مكتفين بنزول الميدان حين يرون خطراً يداهم مشروعهم، وهو ما بدا واضحاً في المليونيات التي نظَّمها الإسلاميون لرفض أي وثائق تتدخل في تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. ورفض «الإخوان» مشاركة قوى الثورة في تظاهراتها التي اندلعت في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) الماضيين في ما عرف بأحداث «محمد محمود» وأحداث مجلس الوزراء، بل وانتقدوا المتظاهرين أحياناً. وظهر الانقسام جلياً بين الطرفين في الذكرى الأولى للثورة يوم 25 كانون الثاني (يناير) الماضي الذي اعتبره الإخوان «احتفالاً» فيما رأى فيه الشباب «استكمالاً للثورة»، وكاد ميدان التحرير يتحول ساحة صدام بين الطرفين. وقال عضو المكتب السياسي في «حركة شباب 6 أبريل» محمد مصطفى ل «الحياة» إن السبب في توتر العلاقة هو ان «الإخوان باعوا الثورة في محطات كثيرة جداً في مقابل بعض المصالح... أهم سبب في نجاح الثورة أننا كنا قوة واحدة، نسي شباب الإخوان أنهم أعضاء في الجماعة ونسي شباب الائتلافات التحزب، لكن لما بدأ الإخوان ينظرون إلى مصالحهم وانحازوا إلى خيارات المجلس العسكري، حصل الشقاق». وأضاف أن «نقطة بداية الخلاف كانت جلوس الإخوان مع (نائب الرئيس المخلوع) عمر سليمان قبل تنحي مبارك، لكننا تغاضينا عن هذه السقطة، وبعد تنحي مبارك بدأ الاصطفاف والاستقطاب بالاستفتاء على التعديلات الدستورية ومساعدة المجلس العسكري على تمرير مخططه الذي أفقد الناس أي أمل في الثورة»، مشيراً إلى أن «قواعد الإخوان ظلت على مدار أشهر تتهم شباب الثورة بالخيانة، ثم جاءت الانتخابات البرلمانية وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وبعدها معركة الجمعية التأسيسية للدستور لتزيد من الشقاق بين الإخوان وشباب الثورة». غير أنه أضاف: «رغم ذلك كله نرى أننا في مرحلة فارقة ونطلب من الإخوان الانحياز الحقيقي للثورة وبناء توافق وطني جاد لا يرتبط بهدف تكتيكي متعلق بالنجاح في الانتخابات الرئاسية... إن لمسنا رغبة في التوافق سندعم مرشح الإخوان ونتغاضى عن هذه النقاط الخلافية، لأننا لا نمتلك ترف الانقسام في هذه الظروف». أما «الإخوان» فيردون على هذه الاتهامات بتأكيد أنهم منحازون إلى الثورة منذ البداية، وهم يتحدثون دائماً عن اعتقال قياداتهم عشية «جمعة الغضب» الشهيرة في ثالث أيام الثورة، حتى أن مرشحهم للرئاسة محمد مرسي كان قيد الاعتقال يوم 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، فضلاً عن أن رموزاً من الجماعة شاركت في اليوم الأول من التظاهرات. ويعتبر «الإخوان» أن مواقفهم بعد الثورة لم تكن تحقق مصالح الجماعة، ولكن أساساً مصالح الثورة، إذ ظلوا يرددون أن «التظاهر يجب أن يكون لتحقيق أهداف محددة وليس للاحتجاج من أجل الاحتجاج».