أطاح القضاء المصري أمس بآخر المكاسب التي حصدتها جماعة «الإخوان المسلمين» من «ثورة يناير»، عندما أمر في حكم نهائي بحل «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة التي سبق أن أعلنتها الحكومة المصرية «تنظيماً إرهابياً»، بعد عام من عزل الرئيس محمد مرسي أول رئيس لهذا الحزب، فيما حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من «سقوط الوطن»، نافياً إرجاء الانتخابات التشريعية. وعزت المحكمة الإدارية العليا حكمها إلى «ثبوت خروج الحزب عن إطار السلم والمبادئ والأهداف التي يجب أن يلتزم بها، كتنظيم وطني شعبي ديموقراطي». ويأتي الحكم القضائي قبل نحو شهرين من إجراء الانتخابات التشريعية المرتقبة، والتي نفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مجموعة من الإعلاميين أمس تأجيله، مشدداً على ضرورة «حسن اختيار ممثلي الشعب»، نافياً اعتزامه الانضمام إلى حزب سياسي. وبعد أحكام قضائية بحل جماعة «الإخوان المسلمين» وجمعياتها وحظر نشاطها ومصادرة أموالها، وما تبعه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بوصمها ب»الجماعة الإرهابية» بقرار حكومي، جاء الدور على ذراعها السياسي، عندما أصدرت المحكمة الإدارية العليا أمس حكماً نهائياً يقضي بقبول طلب قدمته اللجنة القضائية شؤون الأحزاب السياسية في مصر، بحل حزب «الحرية والعدالة»، ومصادرة أمواله وممتلكاته، واستند الحكم في قراره إلى «تورط الحزب وقياداته في أعمال عنف وإرهاب». وبهذا الحكم خسرت جماعة «الإخوان أي وجود رسمي لها في المشهد السياسي المصري، بعدما جردتها «ثورة 30 يونيو» التي أطاحت بحكمها كل المكاسب التي كانت حققتها عقب إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك مطلع عام 2011. وتعد الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا، أحكاماً لا يجوز الطعن بها بأي طريقة من طرق التقاضي. وتضمن الحكم تصفية جميع أموال وممتلكات الحزب، وأيلولتها للخزانة العامة للدولة، مع عدم قبول 10 دعاوى أخرى بهذا الشأن أقامها أفراد. وكان عدد من المحامين أيضاً، بينهم عضو مجلس الشعب السابق حمدي الفخراني ورئيس مركز النزاهة والشفافية شحاته محمد شحاته، قدموا طعوناً أمام دائرة الأحزاب في المحكمة الإدارية العليا، طالبوا فيها بحل حزب «الحرية والعدالة»، وذلك على خلفية «الأحداث التي ارتكبتها الجماعة في حق الوطن والجرائم الإرهابية التي تورطت فيها بعد أحداث ثورة 30 يونيو». وعزت المحكمة حل حزب «الحرية والعدالة» إلى «التثبت لها من التحقيق مع رئيسه بمعرفة نيابة أمن الدولة في القضية رقم 317 لسنة 2013 أنه خرج عن إطار السلم والمبادئ والأهداف التي يجب أن يلتزم بها، كتنظيم وطني شعبي ديموقراطي». وأضافت المحكمة، في حيثيات حكمها، أن «الحزب أتى بما من شأنه النيل من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الديموقراطي»، لافتة إلى أن «رئيس الحزب تمسك في التحقيقات بأن 3 تموز (يوليو) انقلاب وليس حكماً، وأن ما تم في 30 حزيران (يونيو) تظاهرات وليس ثورة شعبية. وشددت المحكمة على أن الحزب تمسك بذلك على خلاف الحقيقة، وأنه خالف ما صدر من إعلان دستوري يوم 8 تموز متضمناً الخطوات التي يتعين اتباعها لبناء مؤسسات الدولة. وكانت لجنة شؤون الأحزاب أوردت في طلبها المرفوع إلى دائرة شؤون الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، إلى ما تسلمته من تقارير قضائية وأمنية تفيد بتورط الحزب وأعضائه في أعمال عنف وجرائم إرهابية ضد البلاد عقب ثورة 30 يونيو. وجاء بالطلب أن التحقيقات أثبتت تورط الحزب الذي ينطق بلسان جماعة الإخوان المسلمين، ويضم في عضويته عدداً كبيراً من قياداتها وأعضاء مكتب إرشادها، في التخطيط وتنفيذ أعمال عنف ضد أبناء الشعب المصري، تمثلت في جرائم تكدر السلم العام وتندرج تحت بند جرائم الإرهاب، وأن الحزب هو جزء لا يتجزأ من الجماعة ولا يعمل بمنأى عنها، الأمر الذي يستوجب حله واعتباره والعدم سواء. وتعقيباً على الحكم القضائي اعتبرت هيئة الدفاع عن الإخوان أن حل الذراع السياسية للجماعة «استمرار لخطة الثورة المضادة في تفريغ ثورة يناير من كل مكتسباتها وضرب كل أهدافها ورموزها في مقتل»، وأعربت عن اعتقادها بأن حكم الأمس «يدعو إلى الريبة والشك في تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية»، وقالت: «لا يمكن نزع هذه الشرعية بحكم خالف كل الأعراف الدستورية والقانونية»، معتبرة أن «أوراق القضية خلت من ثمة دليل قطعي يفيد تخلف أي شرط من شروط تأسيس الأحزاب واستمرارها». ولفتت الهيئة إلى أن الحزب «تشكل بإرادة المصريين بعد ثورة 25 يناير وفق صحيح الدستور والقانون، ووفقاً لمطالب ثورة 25 يناير بحرية إنشاء الأحزاب السياسية». وكان الرئيس المصري دافع خلال لقائه الإعلاميين أمس عن تحركه لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، محملاً قيادات الإخوان مسؤولية الأحداث. وقال في تعقيباته على أسئلة الإعلاميين خلال اللقاء: «ضميري مرتاح منذ 30 يونيو حتى اليوم، ومن يقرأ بيان 3 يوليو (بيان عزل مرسي) يدرك ما تضمنه من عناصر مصالحة وطنية منذ البداية، ولم يتم اتخاذ أي إجراءات ضد أي طرف أو جهة أو أشخاص حتى 14 آب (أغسطس) 2013 (فض اعتصامي الإخوان)». وأضاف: «ولو أدرك الفريق الآخر هذه المصارحة ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن. إلا أنه من الواضح أن هناك بعض القوى محاصرة بنمط تفكير بعينه». ونبّه الرئيس المصري إلى أن «الوطن في خطر. وإذا سقط لن يعود مرة أخرى». لكنه شدد على أنه «طالما هنالك جيش قوي في مصر يقف على قدميه وشعب متماسك فلا أحد يخاف على البلد أبداً»، محذراً من حالة تشرذم الوطن قد تؤدي إلى توسيع الفجوات بين الناس، مشيراً إلى تجارب حدث فيها مثل هذا التشرذم مثل أفغانستان والصومال.