قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر، اليوم (السبت)، بحلّ "حزب الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي سبق أن أعلنتها الحكومة المصرية "تنظيماً إرهابياً"، بعد عام من إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، أول رئيس لهذا الحزب. وفازت جماعة "الإخوان المسلمين"، وحزبها "الحرية والعدالة"، في كل الاستحقاقات الانتخابية في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، في شباط (فبراير) 2011، لكن القرار هذا يقصي الجماعة والحزب تماماً من المشهد السياسي، بعد أن بات لا وجود لهما. وقالت المصادر القضائية إن "المحكمة الإدارية العليا قبلت طلب لجنة شؤون الأحزاب بحل "حزب الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية، على أن تؤول أموال الحزب للدولة". وقال الإعلام الرسمي في مصر إن الحكم الصادر يُعدّ حكماً نهائياً بحق الحزب الذي كان الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي أول رئيس له مع تأسيسه في أيار (مايو) 2011. وأوضحت المصادر القضائية أن "لجنة شؤون الأحزاب قد حصلت على مستندات تثبت مخالفة حزب الحرية والعدالة لشروط عمل الأحزاب السياسية المتضمنة بالمادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977". وقالت "وكالة أنباء الشرق الأوسط" الرسمية إن "لجنة شؤون الأحزاب قد أوردت في طلبها (...) ما تسلمته من تقارير قضائية وأمنية تفيد تورط الحزب وأعضائه في أعمال عنف وجرائم إرهابية ضد البلاد عقب ثورة 30 يونيو". وأضافت أن الطلب تضمن أن "الحزب هو جزء لا يتجزأ من الجماعة، ولا يعمل بمنأى عنها، الأمر الذي يستوجب حلّه واعتباره والعدم سواء". وخلف سعد الكتاتني القيادي البارز في "الإخوان" مرسي كرئيس للحزب، بعد أن أصبح مرسي رئيساً للبلاد في انتخابات 2012. وكانت الغالبية العظمى من أعضاء الحزب السياسي ل"الإخوان المسلمين" أعضاء في الجماعة. وسبق أن واجه الحزب اتهامات بأنه يتلقى أوامر من مكتب إرشاد الحزب. ولم تصدر المحكمة حيثيات حكمها بشكل كامل بعد. ومع حلّ الحزب، واعتبار الجماعة "تنظيماً إرهابياً"، تكون السلطات المصرية قد أقصت "الإخوان المسلمين" تماماً من المشهد السياسي، وخصوصاً مع اقتراب موعد الإنتخابات البرلمانية المقررة في الخريف المقبل. وسبق أن اتهمت السلطات المصرية الجماعة والحزب باستخدام العنف والقوة لترهيب المواطنين لأغراض سياسية، في أعقاب الإطاحة بمرسي في تموز (يوليو) 2013، وهو ما تنفيه جماعة "الإخوان" التي تؤكد أن أنشطتها سلمية، ولا تستخدم العنف. وسبق أن حلت محكمة مصرية "الحزب الوطني"، في نيسان (أبريل) 2011، في أعقاب الثورة التي أطاحت بمبارك، في شباط (فبراير) من العام ذاته. وكانت جماعة "الإخوان" جماعة محظورة خلال عهد مبارك، وصدرت أحكام بعضها عسكري بحق عدد من كبار قياداتها في عهده. لكنها حازت صدارة المشهد السياسي إثر الاطاحة بمبارك، وفازت بغالبية مقاعد البرلمان بغرفتيه (مجلسا الشعب والشورى)، كما ترأس قياديان فيها المجلسان. وفاز القيادي في الإخوان محمد مرسي في الإنتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2012، ليصبح أول رئيس مدني منتخب ديموقراطياً في تاريخ البلاد. لكن الجيش المصري بقيادة قائده السابق والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي أطاح مرسي في الثالث من تموز (يوليو) 2013، إثر احتجاجات شعبية حاشدة عبر البلاد، اتهمته بمحاولة احتكار السلطة لجماعة "الإخوان المسلمين"، بالإضافة لفشله في تحسين اقتصاد البلاد. وعلى الإثر تعرضت الجماعة لحملة أمنية وقضائية واسعة. وتعهد السيسي في أيار (مايو) الماضي، أثناء حملته الإنتخابية أنه "لن" يكون هناك وجود ل "الإخوان المسلمين" في مصر، إذا ما انتُخب. وأدرجت الحكومة المصرية الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية لديها، بعد تفجير سيارة مفخخة استهدف مديرية أمن الدقهلية، في دلتا النيل، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً، معظمهم من رجال الأمن، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. لكن الجماعة تقول إنها نبذت العنف، وغير مسؤولة عن مثل هذه الهجمات، التي أسقطت أكثر من 500 قتيل، أغلبهم من عناصر الأمن، بحسب الحكومة. وفي 15 نيسان (أبريل) الفائت، قضت محكمة مصرية بمنع ترشح أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، وذراعها السياسية "حزب الحرية وللعدالة" في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في أيار (مايو) الماضي، والانتخابات البرلمانية المقررة في الخريف المقبل. وفي أيلول (سبتمبر) 2013، قرر القضاء المصري حظر نشاط جماعة "الإخوان المسلمين"، وكل المؤسسات المنبثقة منها، والتحفظ على كل أموالها ومقارّها. ومنذ عزل مرسي، تشنّ السلطات المصرية حملة واسعة على أنصاره، خلّفت نحو 1400 قتيل، وأكثر من 15 ألف معتقل، على رأسهم قيادات الصف الأول في جماعة "الإخوان"، الذين يُحاكمون في تهم مختلفة. وصدرت أحكام بالإعدام على مئات من قيادات "الإخوان" في محاكمات جماعية. ومرسي نفسه مُلاحق في ثلاث قضايا بتهمة التحريض على قتل متظاهرين معارضين له، و"التخابر مع قوى خارجية"، والفرار من السجن في مطلع 2011.