أ ف ب، رويترز - اختتمت قمة الحلف الأطلسي (ناتو) التي عقدت ليومين في مدينة شيكاغو الأميركية بمصادقة قادة دوله الأعضاء على خطط تسليم القوات الأفغانية مسؤولية الأمن في بلدهم منتصف عام 2013، وتوفير القوات الأجنبية الدعم المطلوب حتى انسحابها الكامل بحلول نهاية عام 2014. لكن القمة لم تجب عن تساؤلات مهمة في شأن كيفية منع انزلاق البلاد الى الفوضى وعودة حركة «طالبان» بعد انسحاب القوات الأجنبية، فيما اعتبر الرئيس الأفغاني حميد كارزاي ان «طالبان عاجزة عن استعادة السلطة حتى بعد انسحاب القوات الأجنبية، وقال: «ما زال المتمردون الأفغان قادرين على شن هجمات وزرع عبوات ناسفة وتنفيذ اعتداءات انتحارية، لكنهم لا يستطيعون اخذ البلاد الى الوراء، مؤكداً ان «افغانستان ستدافع عن نفسها، وشعبها لن يسمح بخسارة التقدم الذي حققناه». وأكد بيان القمة تمسك الرئيس الأميركي باراك اوباما والحلفاء ال27 لبلاده بخطط سحب قواتهم القتالية في نهاية 2014، وترك قوة تقتصر مهمتها على تدريب القوات الأفغانية. لكن الحلف امر ضباطه ايضاً بالشروع في تخطيط مهمة تقديم تدريب وإرشاد ومساعدة للقوات الأفغانية والقوات الخاصة في مرحلة ما بعد 2014. وأقرت القمة مبدأ تمويل موازنة القوات الأفغانية ل «عقد من اعادة الإعمار» يمتد حتى عام 2024. وقدرت المساعدة ب 4,1 بليون دولار لهذه القوات التي سينخفض عددها الى 228 الف عنصر. ووعدت الولاياتالمتحدة بتقديم 2,3 بليون دولار وألمانيا 191 مليوناً وبريطانيا 110 ملايين وأستراليا 100 مليون، بينما طلب الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند ان تساهم بلاده بأقل من 200 مليون دولار، مع اشتراطه معرفة كيف ستنفق هذه الأموال أولاَ، وإذا كانت ستدار بكفاءة». وتبت الحكومة الفرنسية في موضوع المساهمات في تموز (يوليو) المقبل، علماً ان مصادر ديبلوماسية رجحت تقديم هولاند خلال عشرة ايام تفاصيل الجدول الزمني لسحب قوات بلاده مبكراً من افغانستان، والمقرر بحلول نهاية السنة الحالية. وكان اوباما شدد في خطابه الافتتاحي للقمة على ان «الأفغان لن يكونوا وحدهم حين يقفون على رجليهم»، فيما تعهد الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن التزام الحلف هدف ان «تصبح افغانستان آمنة وديموقراطية ضمن منطقة مستقرة». وأعلن القادة ان عملية الانتقال «لا عودة عنها، وستمنح القيادة الأمنية القوات الأفغانية في انحاء البلاد بحلول منتصف 2013»، ما يسمح بتحويل اهتمامها تدريجاً من القتال الى الدعم عبر تنفيذ دور تدريبي وتقديم النصح والمساعدة حتى نهاية 2014. وهكذا حرص اوباما وشركاؤه في الحلف على اقناع الناخبين الذين تعبوا من الحرب، ان انتهاء العمليات العسكرية في افغانستان لاح في الأفق، بعد صراع أنهك موازنات الغرب واختبر صبره، وكذلك طمأنة الأفغان الى ان الغرب لن يتخلى عنهم. وقال اوباما في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة: «نتحد اليوم وراء خطة لإنهاء الحرب الأفغانية بطريقة مسؤولة»، مضيفاً: «بالتأكيد ينطوي ذلك على اخطار لأن طالبان ما زالت عدواً قوياً، مع ان مكاسب الحلف على الأرض هشة. لكنه شدد على ان «مجمل الاستراتيجية صحيح وراسخ»، فيما لم يقدم تفاصيل كثيرة عن الجدول الزمني للانسحاب. وراثة «العبء» الأفغاني ورأى ديبلوماسيون وخبراء ان انسحاب قوات الحلف من افغانستان في نهاية 2014 سيجعل الأممالمتحدة تتكفل بلداً مضطرباً وخطراً جداً، باعتبار ان الحكومة المركزية لا تسيطر على كل اراضي البلاد. وقال ديبلوماسي غربي في الأممالمتحدة: «تحتاج افغانستان الى دعم، ويخشى البعض ان ترث الأممالمتحدة عبئاً غير مستقر بعد 2014». وأعلن توماس راتيغ، الخبير الذي يتخذ من كابول مقراً له: «هناك قلق كبير من تطبيق الاستراتيجية الانتقالية في افغانستان. وفي شيكاغو تعمد قادة الحلف تجميل الوضع على الأرض». وأضاف: «من غير العادل تحميل الأممالمتحدة عبء المشاكل الضخمة التي لا تزال قائمة، في حين اضطلع الحلف الأطلسي بدور سياسي محوري حتى الآن في افغانستان، وليس الأممالمتحدة». لكن يان كوبيس، رئيس بعثة الأممالمتحدة في افغانستان، اعتبر انه «من الطبيعي والمنطقي تولي الأممالمتحدة الأمور الآن في افغانستان، إذ انشئت الأممالمتحدة لهذه الأوضاع، علماً اننا عملنا في افغانستان كبعثة مساعدة قبل 11 ايلول (سبتمبر) 2011». ولا يستبعد خبراء امكان غرق افغانستان مجدداً في الفوضى في ظل ارتفاع نسبة البطالة، واستمرار انتاج المخدرات واتهام الحكومة بالفساد. وقال كوبيس ان «الحلف الأطلسي والقوات الأفغانية يجب ان تجد ظروفاً تسمح لأفغانستان بإبقاء مستوى مرتفع من الأمن والاستقرار لسكانها»، موضحاً ان افغانستان «ليست غير مستقرة بالكامل». على صعيد آخر، رجحت مصادر مطلعة استقالة السفير الأميركي لدى افغانستان، رايان كروكر، قريباً من منصبه وتعيين جيمس كينغهام، نائب كروكر، بدلاً منه للتتعامل مع مجموعة التحديات التي تواجهها الإدارة في طريقها للخروج من الحرب الطويلة والمكلفة. وتولى كروكر المتقاعد منصب سفير الولاياتالمتحدة في افغانستان في تموز (يوليو) 2011، وقاد الجهود الأميركية في وقت ركز البيت الأبيض على تقليص الوجود الأميركي في هذا البلاد، وعدم السماح بانجرار البلاد الى حرب أهلية. ميدانياً، قتل 7 جنود أفغان على الأقل و3 من مسلحي حركة «طالبان» في حوادث بمناطق مختلفة، فيما اعلن الحلف سقوط احد عناصره في هجوم مسلح شرقاً، ما رفع الى 160 عدد قتلى الجنود الأجانب منذ نهاية 2012.