ربما لم يتنبه تنظيم القاعدة وهو يعلن حملته الأخيرة «مثنى وثلاث ورباع» إلى الزحام الشديد هذه الأيام على فكرة الحملة، وان الزحام في «الهدف» لا «التنويع» يتم بشكل واضح صريح عبر الخطوط المباشرة الواضحة، لا مسلسل الضحك على الذقون باصطياد خجول عبر «شبكة نت» وتخفٍ وقتي لا يلبث إلا أن يُكْشَف ويَنْكَشِف، حتى وإن تم دَهْنُ سَيْر خط الحملة بالقول إن البحث والتأني للاقتران سيكونان على أرض الواقع لا عبر الشبكة، تظل وتبقى الفكرة من الأساس، والحملة بشكل خاص، مجرد رقص عشوائي من وراء الصف لدائرة واضحة الملامح والوجوه، لم تعد تملك القدرة السابقة ذاتها في السيطرة على العقول، ودغدغة المشاعر، واصطياد الكم، حين انتهت أوراق الغوص في الأنفاق المظلمة لعناصر التنظيم، واتضح للكل أن إضاءة الطريق ووضوح المعالم شرطان أساسيان لسلامة الأجساد، اتجهت عقول عناصر الأنفاق ببوصلتها مجدداً إلى أفكار جديدة وشعارات براقة، في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، استيقظ التنظيم من غيبوبته على مفهوم إحياء السنة عبر الشعار المطاط، لتسييل لعاب الشباب من بوابة يحلمون بطرقها، واختاروا هذه الفئة بالتحديد لسهولة التغرير من سابق تجربة، ودُعِم مفهوم الإحياء بالحاجة الملحة لصون وحفظ أعراض زوجات الشهداء وكفالة اليتيم وزيادة النسل، ولعل كفالة اليتيم لا تحسب بعد هذيان ما بعد الغيبوبة للعقول إلا عبر تعدد الزوجات. أراد مطلقو الحملة قياس مدى تقبل الفكرة للعقول المتحمسة الناشئة عبر الضغط على القلوب وتحريك الغرائز بشكل مباشر، واعتبار العرض مجرد ترمومتر لجس النبض للأبعد والأخطر، لم يعلن تنظيم القاعدة انطلاق الحملة وهو عازف ومعتزل عن الانضمام لقوافل من يرغب في التثنية أو أكثر، ولم يوجه الحملة لنقص في القدرات أو الرغبات، ولكنه يمارس بمستوى تفكيره، الدس الخفي للسم القاتل في قارورة عسل عبر انتقائه للأرضية الخصبة التي تقبل الإغراء ويتأخر لديها الاستيعاب قليلاً إلا إذا اتضحت لها الصورة كاملة بلا رتوش، وعرفت أن الطريق مهيأ لإضافة أرقام جديدة في خريطة التنظيم ليصبح لزوجة الشهيد الأول زوج شهيد ثانٍ! اختفى التنظيم وأسماؤه عن تبني الحملة والفكرة من الداخل، لا لزهدهم في هذا الجانب، ولكن لمعرفته المبطنة أن الأجواء ملبدة بالغيوم حتى وان كانت في البداية مفروشة بالورد. مبكي أن اندفع الشباب وراء تفاهات كهذه وتم تفعيلهم كأعداء في يد أعداء الدين والوطن في ظل أن اللعبة مكشوفة واضحة، والحملة عارية لا تحتمل أي تبرير ولا يوجد بمعيتها خيط حُسْن ظَنٍ واحد، فالمسألة برمتها «وأد للشباب» على طريقة تنظيم القاعدة! ليسأل الشاب فقط كل زوجة مقهورة متألمة باكية عن الليلة الأخيرة التي شاهدت فيها زوجها، ومن الذي حرمه إياها وقتل مبكرا ًحلم شريك العمر؟ وعبر أي قناة تحول قلب الزوج الى صخرة صماء تجاه توسلات زوجة وبكاء أطفال؟ وهل ضاقت عليهن الدنيا بما رحبت حتى يقبلن بشريك عمر جديد يختاره لهن تنظيم القاعدة وأعضاؤه؟ الثابت والمهم استمرار انتقاء الشباب لطريق الموت في ظل انحسار وتفكك وتراجع نشاط تنظيم القاعدة، وفشل وتبديد كثير من مخططاته التي يقبع على رأسها تجنيد عناصر جديدة، ولا أتوقع أن بيننا عاقلاً يستمتع ويطرب بقيادة رأسه للمجزرة!! [email protected]