على حافة أحد شوارع مدينة دينفر، في ولاية كولورادو الأميركية، يضع حسن آل الشيخ يديه كلتيهما في جيبه، فيما بدا قلقاً بعض الشيء، وهو يراوح للزاوية الأخرى من الشارع، قابضاً على هاتفه تارة، وأخرى يعود مجدداً إلى مكانه، متمتماً بكلمات لا يسمعها سواه، ليتبدد ذلك القلق بعد أن رن هاتفه الجوال، وأخبرته والدته بتحويلها مبلغ 1300 ريال إلى حسابه، قبل أن يهرول مسرعاً نحو جهاز الصرف الآلي لسحب المبلغ، ليخرج متنفساً الصعداء، في طريقه لشراء بعض الحاجيات من أحد مركز التسوق، وكانت معظمها حفائض وحليب لطفله الصغير. لم يتوقع حسن، حين وافق على أن يكون مرافقاً لزوجته، أن تكون أحواله المعيشية بهذا «الارتباك»، إذ توقع أن المصاريف التي تكبدها «ستكون جلها من وزارة التعليم العالي»، إلا أنه اكتشف أن المخصصات المالية للمبتعثين «لا تكفي على الإطلاق، خصوصاً لمن يعيش في أميركا للدراسة، برفقة عائلته»، مضيفاً أن «معدل كلفة الحضانة هنا 950 دولاراً شهرياً. بينما مخصص الطفل الشهري في البعثة 270 دولاراً فقط»، مضيفاً «حاولت الاقتصاد في كل أموري المعيشية، لدرجة الاقتصاد في المأكل والمشرب». وينطبق حال حسن على عدد من الطلاب السعوديين الذين يعيشون «ضائقة مالية»، بحسب تعبيرهم، بسبب «ضعف» المخصصات الشهرية التي يتقاضونها، والتي تقدر ب1847 دولاراً. فيما ناشدوا المسؤولين ضرورة «إعادة النظر في المخصصات الشهرية، خصوصاً في ظل الغلاء المعيشي الفاحش، وعدم كفاية المخصصات التي نتقاضاها». وبدأت مشكلة «مصاريف الحاضنات» تشكل هاجساً حقيقياً لكثير من المبتعثين، بسبب «ارتفاع مستوى المعيشة، في ظل عدم كفاية المصاريف، إذ نصرف نحو 50 في المئة من المخصصات الشهرية للحاضنة، التي بدأت أسعارها في الارتفاع بشكل ملحوظ، خلال الفترة الأخيرة»، ما دفع طلاباً لمناشدة المسؤولين، من خلال مواقع إلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي. فيما أنشأ آخرون صفحات ومجموعات في «فيسبوك» و«تويتر»، في محاولة لإيصال أصواتهم إلى المسؤولين وقال المُبتعث سلطان عبدالله: «أدفع مبلغ 1600 دولار كإيجار للمسكن، فأنا أسكن في أكثر المدن غلاءً»، مضيفاً: «بعضهم يقول يجب على المُبتعث البحث عن أماكن تكون الحياة فيها رخيصة، لكنهم لا يعلمون حالنا، فنحن لا نملك الخيار أبداً، لأننا ملزومون بتطبيق أنظمة الملحقية، لأن هناك جامعات كثيرة مُغلقة، وبعض المُبتعثين أرسلته الوزارة مسيَّراً، غير مخيَّر، إلى هذه الولايات». وأضاف سلطان: «من الغريب أن نرى أن أقل دخل للفرد الأميركي سنوياً يقدر ب31.164 دولاراً، في ولاية مسيسبي، التي تعتبر من أفقر الولايات الأميركية، فيما لا يتعدى دخل المُبتعث السعودي 22.164 دولاراً». فيما أوضح زميله محمد صالح، أن «ولاية كاليفورنيا من أغلى الولايات الأميركية، إذ يبلغ إيجار مسكني 1400 دولار شهرياً، بخلاف الالتزامات الأخرى، فيتبقى لي من المكافأة 448 دولاراً»، مبدياً استياءه الشديد من المشكلات المالية التي يعانيها «حتى إنني ألجأ إلى الاستعانة بأسرتي في السعودية، قبل حلول منتصف الشهر، وأطلب الدعم المالي منهم». ويتساءل: «نحن هنا في غربة عن الأوطان، ونمثل وطننا، فلماذا نضطر إلى الاستعانة بالغير كل منتصف شهر، ونبحث عن أقل الأشياء جودة، حتى نتماشى مع قلة المخصصات الشهرية التي نتقاضاها؟». ويقول المُبتعث أحمد عبدالله: «أسكن في أخطر وأسوأ منطقة في مدينة نيويورك، بإيجار شهري 1300 دولار، إذ لا يتبقى المال الكافي للغذاء ورسوم الخدمات، وأجد نفسي مضطراً إلى أن أبحث عن مصدر مالي آخر، من السعودية، إذ لا نستطيع العمل هنا في أميركا، لأن حامل فيزا طالب ممنوع من العمل من دائرة الهجرة»، متابعاً: «نحتاج إلى زيادة المخصصات الشهرية، كي نفكر في الدراسة، بدلاً من أن نفكر في المعيشة».