يستكشف معرض بعنوان «الخيل: من شبه الجزيرة العربية إلى رويال آسكوت» دور الخيول في منطقة الشرق الأوسط، منذ بدأ ترويضها في العام 3500 سنة قبل الميلاد أو نحوه، حتى يومنا هذا، إذ يرتبط تاريخ الخيول بالحضارات الإنسانية لما كان لترويض هذه الحيوانات من أثر ثوري على العالم القديم. ويسلط المعرض الذي يقام في المتحف البريطاني في لندن بين 24 أيار (مايو الجاري) و30 أيلول (سبتمبر) المقبل، الضوء على تقاليد الفروسية العريقة في المملكة المتحدة، بدءاً من إدخال الخيول العربية الأصيلة إليها في القرن الثامن عشر، وصولاً إلى المنافسات الرياضية الحديثة، كمهرجان «رويال آسكوت» والألعاب الأولمبية. وستعرض مؤلفات مهمة من المكتبة البريطانية ومتحف «فيتس وليام» و»المتحف الحربي الملكي»، إلى جانب معروضات نادرة من السعودية وأخرى من التشكيلة الاستثنائية للمتحف البريطاني. ويحظى المعرض بدعم مجلس أمناء «صندوق الفروسية السعودي» و»مؤسسة ليان الثقافية» ومزارع «غودمونت»، ويقام بالتعاون مع «الهيئة السعودية العامة للسياحة والآثار». وأدى تدجين الخيول، قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، إلى تغيير جذري في تاريخ البشرية. ويعتقد أن أوائل المدجّنين كانوا في سهوب جنوبروسيا، ثم استُقدمت الخيول إلى الشرق الأوسط قرابة العام 2300 قبل الميلاد. وقبل ذلك، كانت الحمير تستخدم للنقل، لكن الخيول ما لبثت أن تبوأت مكانة مهمة كوسيلة نقل أسرع في تلك المجتمعات الناشئة. ويقدم المعرض واحدة من أقدم القطع الأثرية المعروفة، تصوّر شخصاً يمتطي جواداً، وهي عبارة عن رقيم طيني عثر عليه في العراق ويعود تاريخه إلى نحو 1800-2000 قبل الميلاد. ثم أصبحت الخيول عنصراً مهماً في أنشطة الصيد والحروب، كما يتبيّن من الأعمال الفنية للحضارة الآشورية القديمة والتي شهدت ابتكار الزينة والمعدات الخاصة بالخيول، ما يعكس دور الحصان والمكانة الاجتماعية للفرسان. وفي الحقبة الأخمينية (القرنان 4 و5 قبل الميلاد)، بات ركوب الخيل نشاطاً اجتماعياً أساسياً، ويظهر ختم أسطواني من عهد داريوس (522-486 قبل الميلاد) صورة للملك وهو يصطاد أسداً من على متن عربته. وأشاد المؤرخون الرومانيون بمهارة فرسان الإمبراطورية البارثية (القرن 3 قبل الميلاد إلى القرن 3 بعد الميلاد) الذين أجادوا رمي السهام إلى الوراء وهم على صهوة الخيل. كما لعبت الخيول دوراً لا يقل أهمية في العالم الإسلامي، ما ينعكس في المنمنمات والخزفيات والمخطوطات العربية والفارسية والتركية والمغولية من القرن السابع للميلاد. وتظهر منمنمات مغولية صوراً لأمراء يمتطون خيولهم العربية الأصيلة التي اشتهرت بسرعتها وقدراتها الجبارة. كما يتضمن المعرض مخطوطة مذهلة من مقتنيات المتحف البريطاني (القرن 14)، وهي بمثابة دليل إلى الفروسية، بما فيها سبل العناية بالحصان وأساليب امتطائه مع الأسلحة وخلال المناورات وتشكيلات المواكب. ويتضمن المعرض صورة بانورامية لرسوم خيول قديمة على صخور، اكتشفت في مواقع سعودية مختلفة وتعود إلى فترات متباينة، إضافة إلى قطع مميزة من قرية الفاو تتضمن جداريات وتماثيل صغيرة. كما يقدم المعرض مخطوطة عباس باشا المذهلة (القرن 19 ومن مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض)، إذ تعد هذه الوثيقة مصدراً لمعلومات حول سلالة الخيول العربية الأصيلة التي جمعها خديوي مصر عباس باشا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط. وفي سياق تعليقه على المعرض، قال وزير التربية والتعليم السعودي ورئيس مجلس أمناء «صندوق الفروسية السعودي» الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود: «نعلم جميعاً الدور المهم للخيول في تطور الحضارة الإنسانية، وأنا سعيد بفرصة دعم هذه المعرض المهم في لندن، بغية تقديم لمحة تاريخية عن الحصان العربي».