رصد البنك الدولي، تراجعاً في أداء الخدمات اللوجيستية للتجارة العالمية على مدى السنتين الماضيتين، بسبب الركود وأحداث عالمية أخرى. لكن البلدان التي طبقت إصلاحات صارمة واصلت تحسين أدائها. وأظهر أحدث مسح أجراه عن لوجيستيات التجارة، أن بعض البلدان مثل المغرب وتشيلي والصين والهند وجنوب أفريقيا وتركيا والولايات المتحدة، تمكّنت من تحسين مراكزها السابقة في مؤشرات أداء الخدمات اللوجيستية، على رغم هذا التراجع. وأظهرت الدراسة الواردة في تقرير عنوانه «روابط من أجل المنافسة 2012: الخدمات اللوجيستية للتجارة في الاقتصاد العالمي»، أن البلدان المرتفعة الدخل «تتصدر المراكز الأولى في مجال الخدمات اللوجيستية، في حين أن البلدان الأسوأ أداء هي تلك الأقل نمواً في العالم، وغير المطلّة على سواحل أو تتكون من جزر صغيرة أو البلدان الخارجة من صراعات». المركز الأول لسنغافورة وأوضحت الدراسة التي استندت إلى استقصاء شامل لوكلاء دوليين للشحن والنقل السريع على مستوى العالم، أن سنغافورة «تحتل المركز الأول بين 155 بلداً في مؤشرات أداء الخدمات اللوجيستية». وأكد نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الحد من الفقر وإدارة الاقتصاد أوتافيانو كانوتو، أن لوجيستيات التجارة «عنصر أساس لتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر». لكن، لفت إلى «استمرار الفجوة اللوجيستية بين البلدان الغنية والفقيرة، فيما توقف الاتجاه نحو التقارب في ما بينها، والمسجل بين الأعوام 2007 و2010، إذ حوّلت أحداث، من بينها الركود العالمي وأزمة الديون الأوروبية، الانتباه عن إصلاح اللوجيستيات». وتضم الشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل، جنوب أفريقيا والصين وتركيا وهي تنتمي إلى أفضل البلدان أداء. وفي الشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل، حقق كل من المغرب والهند والفيليبين مستوى من التحسن في الأداء يفوق المتوسط. وتجاوزت بلدان منخفضة الدخل مستوى أدائها السابق، ومن بينها بنين وملاوي ومدغشقر. وأعلنت المديرة في إدارة التجارة الدولية في البنك الدولي منى حداد، أن البنية التحتية «تبرز محرّكاً رئيساً للتقدم في أفضل البلدان أداء، تتبعها التحسينات التي شهدتها الخدمات اللوجيستية وإدارة الجمارك والحدود. وتبدي البلدان الأفضل أداء تعاوناً قوياً بين القطاعين العام والخاص، ونهجاً شاملاً في تطوير الخدمات والبنية التحتية واللوجيستيات الفاعلة». وأظهر المسح، أن خدمات السكك الحديد «أثارت استياء تجاوز 90 في المئة ممّن شملهم الاستقصاء». وفي إدارة الحدود، «حصلت وكالات التخليص الجمركي على تقديرات أفضل من بقية الأجهزة الأخرى العاملة في هذا المجال، مع تخلف الأجهزة المسؤولة عن تطبيق اللوائح التنظيمية لصحة الإنسان والنبات». وكشف المسح، أن اللوجيستيات «مهمة للأمن الغذائي، إذ تؤثر خدمات النقل واللوجيستيات في شكل مباشر في أسعار الغذاء وتوافره محلياً من خلال أداء سلاسل الغذاء ومرونته، خصوصاً في بلدان أفريقيا والشرق الأوسط المعتمدة بشدة على الواردات الغذائية». وفي البلدان النامية لا سيما منها الفقيرة أو غير المطلّة على سواحل، تمثل خدمات النقل واللوجيستيات ما بين 20 و60 في المئة من أسعار الأغذية المورّدة، فهي تشكل 48 في المئة من تكلفة الذرة الأميركية التي تستوردها نيكاراغو. وأشار المسح، الذي تضمن مؤشرات بيئية للمرة الأولى، إلى أن اللوجيستيات الملتزمة المعايير البيئية «تحقق تقدماً سريعاً في البلدان المرتفعة الدخل وبلدان الأسواق الناشئة، وهو تطور إيجابي نظراً إلى تشكيل اللوجيستيات والنشاطات المرتبطة بالشحن نحو 15 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النشاطات البشرية. ولدى مقدمي الخدمات اللوجيستية مثل «دي إتش إل» و «فيديكس» و «يو بي إس» و «تي إن تي»، مبادرات عالمية للحد من بصمتهم الكربونية والتحول إلى وسائل نقل أكثر كفاءة، وزيادة كفاءة المرافق ومساعدة الزبائن على مراعاة البيئة». المشاريع وتشكل المشاريع المتعاملة مع اللوجيستيات وتيسير التجارة، نحو 10 في المئة من حافظة البنك الدولي، تتضمن إصلاح الجمارك، وتنمية التجارة، والمشاريع الإقليمية، وممرات النقل. وفي أفريقيا، هناك برنامج لتسهيل التجارة، وهو مبادرة للمساعدات الفنية يموّلها المانحون بقيمة 50 مليون دولار لمساعدة البلدان المنخفضة الدخل على تحسين مشاريعها اللوجيستية والبنية التحتية المرتبطة بالتجارة. ويعمل البنك الدولي مع شركاء دوليين آخرين في المشاريع، من بينهم مصارف إقليمية للتنمية، و «أونكتاد»، ومنظمة الجمارك العالمية، وكلها أعضاء في مبادرة الشراكة العالمية للتيسير، ومجموعات إقليمية من البلدان والمنتديات مثل مجلس التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، والسوق المشتركة لأفريقيا الشرقيةوالجنوبية «كوميزا»، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والمنظمات والشركات الخاصة التي تروج للممارسات السليمة وتشمل الاتحاد العالمي للطرق، والاتحاد الدولي لرابطات وكلاء الشحن.