قبل أن يستعيد الاقتصاد العالمي عافيته من تأثير أزمة المال العالمية، عاجلته أزمة جائحة أنفلونزا الخنازير بضربة جديدة، انعكست سلباً على قطاع السياحة العالمي. وأعلنت منظمة السياحة العالمية أخيراً عن تعديل تقديراتها الخاصة بتراجع النمو السياحي من مستوى صفر في المئة إلى مستوى يتراوح بين 2 و 3 في المئة سلباً تحت الصفر. وتراجع عدد المسافرين في العالم في الشهرين الماضيين 7.7 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من 2008، وهو معدل يفوق توقعات المنظمة التي كانت تشير إلى تراجع بنسبة 2 في المئة في 2009. وتشير إحصاءات إلى أن حجم إنفاق الدول الخليجية على الإجازة السنوية، نحو 20 بليون دولار، ويحتل السعوديون المرتبة الأولى في الإنفاق على إجازاتهم السنوية بواقع 8.5 بليون دولار، يليهم الكويتيون بواقع 5 بلايين دولار ومثلها للإماراتيين، ثم القطريون بقيمة 600 مليون دولار، ثم المواطنون العمانيون نحو 400 مليون دولار، بينما يحتل البحرينيون المرتبة الأخيرة بواقع 300 مليون دولار. وأكدت مؤسسة «الضيافة القابضة» (خليجية للسياحة والضيافة – مقرها أبو ظبي)، في دراسة أصدرتها أمس، أن الدول العربية مهيأة لتواجه الأزمة العالمية سياحياً في شكل أفضل من المناطق الأخرى، وشهد معدل النمو السياحي في منطقة الشرق الأوسط خلال 2008 ارتفاعاً بنحو 11 في المئة وهو المعدل الأعلى للنمو عالمياً، في مقابل 2 في المئة في العالم. وتوقعت منظمة السياحة العالمية، أن يبقى النمو في المنطقة العربية إيجابياً وبمعدل يتراوح بين2 و6 في المئة خلال السنة الحالية. وأكدت الدراسة أن أزمة المال العالمية دعمت السياحة العربية البينية، التي عانت قصوراً واضحاً خلال السنوات الماضية، ولم تتجاوز 42 في المئة من إجمالي السياحة العربية، في حين أن نحو 58 في المئة منها يتجه إلى خارج الوطن العربي. وتوقعت ان يساهم مفهوم «الحمائية» في تقليص الإنفاق الذي تتبعه حالياً الأسرة العربية، بسبب الأزمة المالية وتداعياتها، إضافة إلى محدودية انتشار أنفلونزا الخنازير في دول عربية وتغير وجهة السائح العربي نحو دول المنطقة القريبة. وشكّل السياح العرب الذين وفدوا إلى الأردن بواقع 4.8 مليون 50 في المئة من إجمالي السياح الذين توافدوا إلى الأردن في 2008، في حين أن المؤشرات الإيجابية دفعت لبنان إلى توقّع وصول مليوني سائح إلى لبنان في موسم 2009، معظمهم من العرب. وأوضحت أرقام وزارة السياحة السورية أن الزيادة في النمو تحققت في شكل رئيس في السياحة العربية من دول الخليج، بحيث ازداد عدد السياح العرب من هذه الدول إلى 116 ألفاً خلال الربع الأول من السنة الحالية في مقابل 94 ألفاً خلال الفترة ذاتها من 2008 وبمعدل نمو 23 في المئة. وأكد رئيس مجلس إدارة شركة «الضيافة القابضة» و «جنان للفنادق والمنتجعات» سعيد أحمد محمد بن بطي، أن السياحة البينية العربية، تعد الأكثر إيراداً للدخل، فالسائح العربي يقضي أطول مدة إقامة وينفق أكثر من غيره، ما يدفع إلى الإصرار على بلورة هذه الثقافة ورفدها بما يلزم، من خلال حفز الاستثمار السياحي العربي البيني، وتوفير بيئة استثمار جاذبة للمستثمرين العرب وتسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية وتسهيل حركة السفر بين الدول العربية وتسهيل عمليات إصدار التأشيرات السياحية. وتشغّل قطاعات السياحة البينية العربية مئات الآلاف في المنطقة، إذ يساهم النمو الكبير الذي تشهده المنشآت السياحية والفندقية في المنطقة العربية، في إحداث طلب متزايد على الكوادر البشرية.وتوقع المجلس العالمي للسياحة والسفر، أن يساهم القطاع السياحي في توفير 10.5 مليون وظيفة خلال عام 2009، في الدول العربية، تمثل 10.1 في المئة من إجمالي القوى العاملة.