واشنطن، برلين، باريس، لندن - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - تطغى أزمة الديون الأوروبية على اجتماعات مجموعة الثماني، التي بدأت أمس وتستمر اليوم في الولاياتالمتحدة، وسيشجع رئيسها باراك أوباما الساعي إلى إعادة انتخابه، الأوروبيين على «تكثيف العمل من أجل النمو»، وهي نقطة يتفق فيها مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند. وسبق الاجتماعات لقاء في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض جمع أوباما وهولاند أمس، بعد ثلاثة أيام على تسلم الثاني مهماته رسمياً. ويتزامن هذا اللقاء مع قمة مجموعة الثماني التي تستضيفها كامب ديفيد، وتثار فيها ملفات شائكة، تليها قمة للحلف الأطلسي تُعقد غداً والاثنين في شيكاغو. ويرغب الرئيس الفرنسي المنتخب حديثاً ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي، في توجيه سياسة بلاده نحو مزيد من التنمية على عكس سياسة التقشف، التي تدعو إليها المستشارة الألمانية أنغيلا مركل. وكثّفت واشنطن الرافضة اتهامها بالتدخل، التصريحات المؤيدة «لتقدم المحادثات والجدال في أوروبا على محور الوظائف والنمو»، إذ اعتبر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي توم دونيلون، أن «مسؤولية حلّ الأزمة تبقى على عاتق القادة الأوروبيين الذين يعقدون قمة في 23 الجاري». لكن أوضح أن «نتائج هذه المحادثات مهمة جداً للولايات المتحدة، إذ يمثل الاتحاد الأوروبي أهم شريك تجاري لنا». ويراقب أوباما المرشح لولاية ثانية في انتخابات مقررة في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، الوضع في أوروبا والمحتمل أن يثير «رياحاً معاكسة» للاقتصاد الأميركي، الذي يبقى هشاً على رغم بدء نموه، ويسجل نسبة بطالة تصل إلى 8.1 في المئة، تفوق بثلاث نقاط نسبتها قبل أزمة عام 2008». وكان حاول منذ وصوله إلى السلطة عام 2009، إقناع الأوروبيين باعتماد سياسة إنعاش مشابهة للتي اتبعها عبر إقرار ضخ 800 بليون دولار في الاقتصاد الأميركي. ورأى مسؤولون أميركيون، أن استمرار المشاكل في أوروبا «يعكس صوابية خيارات الإدارة الديموقراطية». وأكد دونيلون، أن أوباما «لا ينوي استغلال الفرق في مقاربتي هولاند ومركل»، لافتاً إلى أن هذه المحادثات «ستُخصص للهدف المشترك والثابت بإدارة الأزمة الحالية بأفضل ما يمكن والتموضع في سبيل تحسن دائم». ويغيب عن قمة مجموعة الثماني في المقر الجبلي للرؤساء الأميركيين في كامب ديفيد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كلف رئيس وزرائه ديمتري مدفيديف تمثيله. وعلى الضفة الأوروبية، كشف الناطق باسم المستشارة الألمانية، ستيفن سيبرت، أن مركل «اتفقت في الرأي مع هولاند ورئيسي الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والإيطالي ماريو مونتي، على «الحاجة إلى الانضباط المالي والنمو كليهما». الانضباط المالي والنمو وأشار سيبرت في بيان، إلى أن الزعماء الأربعة «شاركوا في مؤتمر عبر الهاتف قبل قمة مجموعة الثماني، وانضم إليهم في اللقاء رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جوزيه مانويل باروزو ورئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي». وقال: كانت هناك درجة عالية من الاتفاق على أن الانضباط المالي والنمو ليسا متناقضين بل إن كلاً منهما ضروري». إلى ذلك لم يستبعد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، أن «تهدأ أزمة ثقة الأسواق حيال منطقة اليورو خلال سنة أو أثنتين»، مجدداً تأكيد برلين «عدم رغبتها في خروج اليونان من هذا التكتل». وأعلن الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، قدرة أوروبا «على تعزيز وحدتها النقدية من خلال منح السياسيين الأوروبيين الصلاحية لإعلان إفلاس دولة ما، وتولي مسؤولية سياستها المالية في إطار اقتراح جريء لإنقاذ اليورو». ورأى أن «فكرة الولاياتالمتحدة الأوروبية التي تتنازل فيها الدول الأعضاء عن جزء كبير من سلطتها المالية لمصلحة الحكومة الاتحادية غير مستساغة سياسياً». وأكد أن «البديل هو بتفعيل الصلاحيات الاتحادية للاتحاد في الظروف الاستثنائية، عندما تهدد سياسات موازنة إحدى الدول الوحدة النقدية الأوسع». وقال تريشيه في كلمة أمام معهد «بيترسون للاقتصاد الدولي» في واشنطن: «يبدو لي أن الاتحاد في الظروف الاستثنائية ليس فقط ضرورياً لضمان وجود وحدة نقدية واقتصادية متماسكة، بل يمكن أن يلائم الطبيعة الخاصة لأوروبا في الأجل الطويل»، مستبعداً أن «يكون لدينا موازنة أوروبية (مركزية) ضخمة». وعرض تريشيه اقتراحه في واشنطن عشية اجتماع مجموعة الدول الثماني. اجراءات عاجلة وفي المسألة اليونانية، تعكف الحكومة البريطانية على وضع إجراءات عاجلة للتعامل مع مضاعفات أي خروج محتمل لليونان من العملة الأوروبية الموحّدة، بعد تحذير محافظ «مصرف إنكلترا» المركزي مارفن كينغ من أن أوروبا تفتت نفسها. وأشارت صحيفة «الغارديان»، إلى أن التقارير الواردة من أثينا حول تهريب مبالغ طائلة من الأموال إلى خارج البلاد، فاقمت القلق في لندن إزاء تأثير حدوث انشقاق في منطقة اليورو على اقتصاد بريطانيا العالق في ركود مزدوج، بعدما قدّر خبراء أن «خروج اليونان سيكّلف منطقة اليورو تريليون دولار». ولفتت إلى أن مسؤولين من وزارة الخزانة (المالية) و «مصرف إنكلترا» وهيئة الخدمات المالية، «يضعون خططاً طارئة للتعامل مع الأضرار التي سيتركها أي خروج محتمل لليونان من منطقة اليورو على الاقتصاد العالمي، وعلى غرار انهيار المجموعة المصرفية «ليمان براذرز» عام 2008». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، خيّر منطقة اليورو بين «حل مشاكلها من دون تأخير أو مواجهة احتمال التفتت»، في كلمة ألقاها أمس وقبل توجهه إلى الولاياتالمتحدة للمشاركة في قمة مجموعة الدول الثماني. وتعهد «القيام بكل ما هو ضروري لحماية بريطانيا وتأمين اقتصادها ونظامها المالي، أياً كان المسار الذي ستختاره منطقة اليورو». وفي إسبانيا، وبعد الاكتتابات في السندات الحكومية بفائدة مرتفعة، خفّضت وكالة «موديز» تصنيف القروض على المدى الطويل الخاصة ب 16 مصرفاً إسبانياً بسبب صعوبات الاقتصاد والقطاع المالي عموماً، وأزمة المالية العامة و «قدرة محدودة للحصول على تمويل». وتراوحت الخفوضات بين مرتبة وثلاث، إذ خُفض تصنيف أكبر مصرفين هما «سانتاندر» و «بي بي في أيه»، ثلاث درجات إلى «أيه3». وجاءت التوقعات «سلبية» بالنسبة إلى 10 مصارف، ما يعني أن «موديز» تفكر في خفض تصنيفها في المستقبل. وتبقى المصارف الستة الأخرى قيد الدرس. وباتت تصنيفات المصارف الإسبانية الرئيسة «تتراوح بين «أيه3» و «بي أيه3»، مع معدل بين «بي أيه أيه 2» و «بي أيه أيه3». واعتبرت «موديز»، أن «هذا المعدل أدنى من معظم الأنظمة المصرفية في أوروبا الغربية، ما يعكس عواقب كبيرة على المصارف الإسبانية بسبب الوضع الصعب في إسبانيا وأزمة الدين المستمرة في منطقة اليورو».