في ختام زيارة استمرت 3 أيام للعاصمة الأميركية التقى خلالها الرئيس الأميركي باراك أوباما وشارك في القمة الأفريقية - الأميركية، حذر رئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني من خطورة الأزمة التي تشهدها ليبيا، مؤكداً في حديث إلى «الحياة» أن انتخاب البرلمان الجديد «خطوة ايجابية تمهد للذهاب إلى طاولة الحوار» التي يرى أنها السبيل الوحيد لخلاص ليبيا وتفادي التقسيم. وأكد الثني أن القاهرة لن تتدخل عسكرياً في ليبيا «من دون طلب مباشر من الحكومة الليبية». وتمنى على كل الأطراف الاقليمية وقف التدخل في الشؤون الليبية وفتح الباب أمام الاطراف للتوافق. «الحياة» التقت الثني قبيل مغادرته واشنطن، وهنا نص الحديث: التقيت الرئيس باراك أوباما ومستشارته سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري. كيف تصف أجواء اللقاء والموقف الأميركي مما يجري في ليبيا؟ - الزيارة كانت ناجحة والتقيت رايس أكثر من مرة، كما عقدت اجتماعات عدة مع أعضاء الكونغرس. إن الجانب الأميركي يحاول بكل ما لديه من قوة أن يدعم استقرار ليبيا وبشتى الوسائل. القتال في ليبيا أصبح قتال شوارع والوضع الأمني متدهور وهناك شعور لدى الجانب الأميركي بمسؤولية ملقاة على عاتقهم، كونهم شاركوا في اسقاط النظام وعليهم أن يكملوا مسار بناء الدولة وتقوية الجيش والشرطة ودعمنا بالسلاح. لمحاربة الميليشيات؟ - نعم، الأسلحة التي غُنمت بعد سقوط نظام معمر القذافي آلت كلها إلى الميليشيات التي تملك اليوم دبابات وصواريخ ومدفعيات. هذه الميليشيات لديها أجندات سياسية ومكاسب شخصية وتختبئ وراء الإسلام، وعلى الدولة الليبية التصدي لها. هل طلبتم سلاحاً نوعياً من ادارة باراك أوباما؟ - نحن لدينا اتفاقيات تدريب وتجهيز سارية حالياً ولا تتعارض مع حظر السلاح المفروض على ليبيا. وسيتم باشراف الولاياتالمتحدة، تدريب 1650 ليبياً في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل ليكونوا نواة لكتيبة جديدة. هل هناك جيش ليبي أو قوات مسلحة متمكنة بكل معنى الكلمة؟ - العناصر موجودون لكنهم يعانون نقصاً كبيراً في السلاح والعتاد. الميليشيات متفوقة عليهم من هذه الناحية. المطلوب في هذه المرحلة إيجاد ميزان قوى جديد لجعل الجيش والشرطة أقوى من المجموعات المسلحة. وماذا عن الاغتيالات التي تستهدف قيادات في الجيش الليبي؟ - أعتقد أن المشهد في طرابلس يختلف عن المشهد في بنغازي. ففي بنغازي هناك مواجهة بين أنصار الشريعة والدولة، أما ما يحدث في طرابلس فهو صراع سياسي مختلف كلياً. المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة تقاتل الدولة في بنغازي، وسيُهزمون باذن الله. وفي طرابلس هناك مجموعات تريد اسقاط الحكومة، ومن هذا الباب فإن المواجهة في بنغازي تبدو أسهل من طرابلس. هل وحدة ليبيا وكيانها الجغرافي مهدد اليوم برأيك؟ - نعم، كدولة فإن ليبيا مهددة اليوم، واذا لم يتدارك الجميع ويشعر بالخطورة ويوحد الصفوف ويجلسون إلى طاولة الحوار، فإن ليبيا ستنقسم يوماً ما، شرقاً وغرباً. أنت قلت أن ليبيا اليوم ليست دولة فاشلة. لماذا؟ - الدولة الفاشلة ليست لها مقومات اقتصادية. اليوم هناك 4 موانئ نفطية تعمل في ليبيا وتصدر النفط وسنصل إلى المعدل المخصص لنا في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» مع بداية الخريف المقبل. هذا مؤشر ايجابي. لدى ليبيا مقومات وموارد كبيرة أما الدولة الفاشلة ليس لديها ذلك. ما ينقص ليبيا هو الحوار والجلوس إلى طاولة التفاوض. إذا جلس الليبيون وتحاوروا وتفاوضوا، عندها نصل إلى نهاية الأزمة. فكما حدث في لبنان، بعد 15 سنة أدرك اللبنانيون جميعاً أن السلاح لا يحل المشكلة وتوصلوا لاتفاق الطائف. يجب أن نتعلم من دروس الماضي وأن ما من أحد يمكن أن يفرض بالسلاح والقوة هيمنته على المشهد. هل ستنتظر ليبيا 15 سنةً؟ - ليبيا لن تنتظر كما انتظر لبنان، فمقومات المصالحة في ليبيا أكثر منها في لبنان. فليست هناك إنقسامات طائفية ومذهبية، وليست لدينا تيارات متعددة، هناك فرصة حقيقية اليوم للحوار. ما هو الحجم الاقليمي للأزمة في ليبيا. هل صحيح أن دولاً اقليمية تتصارع اليوم داخل ليبيا من خلال الأطراف المتناحرة؟ - ليست لدينا أدلة قاطعة لتوجيه اتهامات لأحد، لكن نطلب من الجميع أن يكفوا عن التدخل في الشأن الليبي ويفتحوا الباب أمام الليبيين لحل مشكلاتهم وللتوافق. هناك تلميح ضمني من مصر بأنها قد تتدخل عسكرياً في حال تحولت الأزمة الليبية تهديداً لأمنها القومي. - تواصلنا مع الحكومة المصرية وأكدوا لنا أنهم لن يتدخلوا في الشأن الليبي ما لم يُطلب منهم ذلك. هل الانتخابات البرلمانية الأخيرة تمهد إلى حوار في ليبيا؟ - بكل تأكيد. الهدف الأساسي للحكومة الحالية هو أن تصل بالبرلمان إلى الاستحقاق الانتخابي واستطعنا بفضل الله أن نوصل البرلمان إلى الثقة، وعقد الجلسة الأولى في طبرق، وكانت جلسة ناجحة وحضرها حوالى 165 من 183 عضواً. ودعا رئيس البرلمان عقيلة صالح عيسى إلى وقف اطلاق النار والا سيضطر لحل كل التشكيلات المسلحة. هل ستتنازل عن السلطة في حال تم التوصل الى حكومة جديدة؟ - بكل تأكيد. أنا أتمنى ومن كل قلبي أن نجد الشخص المناسب وسأكون سعيداً جداً حين أسلّم هذه المسؤولية والأمانة.