اسمها: غير مهم! سنها: 14 عاماً. الصف الدراسي: لا يوجد لعدم توافر الوقت. المهنة: زوجة بنظام «نصف الوقت»! الجهات الداعمة: الأسرة وسمسار، إضافة إلى 21 «مشترياً» (زوجاً). الآفاق المستقبلية: توقعات بمزيد من الازدهار ورواج الفكرة. الستار: العادات والتقاليد والدين. الأسباب الحقيقية: فقر وجهل. الاسم المتداول: ستر الفتيات. المسمى العلمي: إتجار في البشر! حادثة صغيرة وقعت قبل أيام، ولم تلفت انتباه كثيرين من المصريين المنغمسين من رؤوسهم حتى أخمص أقدامهم في غياهب مرشحي الرئاسة، ودهاليز الدستور، وألغاز الوقفات والاعتصامات. فقد ألقت نيابة الهرم (محافظة الجيزة) القبض على عصابة لتزويج الفتيات القاصرات لمسنين أثرياء غير مصريين. العصابة تتزعمها سيدتان تقومان بدور الوسيط أو «السمسار» بين الأثرياء والقاصرات عبر أسرهن. الواقعة نفسها ليست جديدة في مصر، بل هي ضمن ظاهرة تدور رحاها منذ سبعينات القرن الماضي، وتمثل حلقة في سلسلة من جولات الكرّ والفرّ بين السلطات التي تنفذ القانون المحدّد للحدّ الأدنى لزواج الفتيات ب18 عاماً، وبين منتفعين من تزويج البنت الطفلة، من الأسر، إلى السماسرة، أو المحامي الذي يُبرم عقد الزواج، وصولاً إلى العريس. المثير في الواقعة الحديثة شيئان: الأول أن إحدى حالات الزواج التي ضلعت فيها العصابة مؤهلة لدخول «موسوعة غينيس»، إذ تزوجت فتاة في ال14 من عمرها 21 مرة في شهر واحد. وبعيداً من ربحية الصفقة، إذ تمّ شراء الفتاة وبيعها في كل مرة بمهر قيمته 30 ألف جنيه، إضافة إلى 50 ألفاً للسمسار، فإن الواقعة تزامنت وواقعة أشد وطأة، لكن دارت رحاها هذه المرة تحت قبة البرلمان (مجلس الشعب) المصري المنتخب الذي يُعبِّر عن مصر بعد ثورة 25 يناير. النائب عن حزب «النور» ناصر مصطفى شاكر طالب بمناقشة قانون يخفض سن زواج الفتيات إلى 16 عاماً، بدلاً من المنصوص عليه حالياً، وهو 18 عاماً، وذلك «لأن القانون الحالي لا يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع المصري»، بخاصة أن «الشرع لم يحدد سناً للزواج». 150 ألف مولود المذكرة الإيضاحية للمشروع صنفت قانون الحد الأدنى لسن زواج الفتيات ب 18 عاماً، والذي أصدره مجلس الشعب السابق، ضمن «القوانين السيئة التي أضاعت حقوق فتيات كثيرات»، إذ أدى إلى اضطرار البعض من ذوي الفتيات المتزوجات دون السن إلى عدم توثيق الزواج خوفاً من التعرض لعقوبة الحبس والغرامة. ويبدو أن هناك اتجاهاً برلمانياً لرفع الحرج والخوف عن أسر أولئك الصغيرات، فقد برّر النائب عن حزب «الأصالة» علي ونيس هذا التوجه قائلاً ان منع زواج الفتيات قبل سن معنية «غير صحيح شرعاً وعقلاً. وبرهن على صحة حديثه ومنطقيته بالقول: «تأجيل الزواج للفتاة يتم بسبب الدراسة أو عدم نضجها»، متسائلاً: «ماذا عن الفتيات اللاتي نضجن قبل السن المحددة وأولئك اللاتي لا يدرسن؟». وإذا كان المجلس نفسه يضم سيدة نائباً رأت قبل أشهر أن إهمال حصص التدبير المنزلي أحد أبرز أسباب تردي تعليم الفتيات، يبدو الحديث عن فتاة دون سن ال18 وليست في صفوف التعليم أصلاً، أمراً مقبولاً في العام ال12 من الألفية الثالثة. ولأن الأرقام تجعل الظواهر أكثر وضوحاً، فإن دراسة أجريت عام 2006 أشارت إلى وجود نحو 153 ألف حالة زواج قاصرات، بنسبة 29 في المئة من إجمالي عدد حالات الزواج الكلية في الفترة نفسها. وأعدت منظمة «يونيسيف» دراسة بالتعاون مع وزارة الأسرة والسكان قبل عامين، أظهرت أن نسبة زواج القاصرات بلغت نحو 74 في المئة في عدد من المحافظات المصرية، وأن مواليد هذه الزيجات بلغوا نحو 150 ألف مولود. ولأن نسبة كبيرة من هذه الزيجات تكون زيجات قصيرة المدة من أثرياء ليسوا بالضرورة مصريين وتنتهي بالطلاق، فإن هذا يعني تداخل ظاهرتي زواج القاصرات مع أبناء المطلقات اللاتي تزوجن في الأصل تحت وطأة الفقر. ويشار إلى أن «برلمان الثورة» ينفرد بمناقشة مقترحات قوانين أخرى مهمة مثل إلغاء «تجريم ختان الفتيات»، وإلغاء «قانون الخلع»، وغيرها من القوانين التي «ستنصف» المرأة... وتزوج الطفلة.