بعد مضي 12 يوماً على غرقها في ساحل الكورنيش الشمالي في جدة (مقابل ميدان النورس)، عثرت الأجهزة الأمنية، صباح أمس، على جثة الغريقة فاطمة على الصعب (17عاماً) على مسافة كيلو متر واحد جنوب المنطقة التي سقطت فيها، وقد علقت بين الصخور وطمرتها الأتربة، وعليها آثار التحلل، فجرى انتشالها ونقلها إلى ثلاجة مستشفى الملك فهد لاستكمال الإجراءات النظامية وتسليمها لذويها. وانخرط والد فاطمة في نوبة بكاء شديدة على فقد ابنته مكتفياً بالقول: «كانت فاطمة الأبنة البارة بوالديها، ويكفي أنها باعت حليها الذهبية، لتنقذ أسرتها وتسدد ديون والدها»، شاكراً كل من بحث عن ابنته وأسهم في العثور عليها، ولجميع من واسوه وعائلته في فقدها. وأوضح الناطق الإعلامي لقيادة حرس الحدود في منطقة مكةالمكرمة المقدم صالح الشهري أن ضحالة المنطقة التي سقطت فيها فاطمة أسهمت في تأخير العثور عليها لمدة 12 يوماً، مشيراً إلى مشاركة أكثر من 65 غواصاً من حرس الحدود والقوات البحرية الملكية والدفاع المدني في البحث عنها طوال تلك المدة، إضافة إلى الآليات البحرية من زوارق وحوامات وطائرات عمودية وأجهزة تقنية حديثة. وكانت الفتاة فاطمة غرقت في البحر الخميس قبل الماضي، أثناء تنزهها على الشاطئ مع أسرتها، احتفاء بتفوقها في الصف الأول الثانوي، فدفعتها مياه الصرف المنطلقة بكثافة من أنبوبين إلى البحر، لاسيما وأن قطر أحدهما 100بوصة، والآخر 70 بوصة، لتغرق تاركة وراءها العديد من التساؤلات حول المسؤول عن رحيلها بتلك الطريقة. وفي غضون ذلك، أثارت حادثة غرق فاطمة ومن ثم العثور عليها بعد عملية بحث «ماراثونية» استمرت 12 يوماً مخاوف أهالي العروس من البحر، وحولته من عشقهم الأول الذي لطالما تباهوا به، إلى مصدر توجس وقلق «الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود»، مطالبين من الجهات الحكومية ترويض بحرهم، والحد من مخاطره إن لم تستطع القضاء عليها، بمزيد من اتخاذ تدابير السلامة على سواحله التي ما انفكت تبتلع كل من اقترب منها. وبالقرب من موقع انتشال فاطمة شن محمد عبدالجواد هجوماً لاذعاً على أمانة محافظة جدة، محملاً إياها مسؤولية تكرار حوادث الغرق في البحر، كونها «لم تتفاعل مع تكرار حالات الغرق ولم تضع سياجاً أو شبكاً يمنع دخول الزوار والمصطافين إلى المناطق الخطرة». وبنبرة منفعلة أشار علي المطبقاني إلى أن مجرى الصرف يقطع جزءاً كبيراً من الشاطئ وصولاً إلى البحر، لافتاً إلى أن عمقه يقارب أربعة أمتار وعرضه يصل إلى متر ونصف، مضيفاً: «المجرى تحول إلى مصيدة تقتنص كل من يحاول الاقتراب منها»، ومتسائلاً «تبلغ كلفة عمل بحر جدة 700 مليون، هل تعجز الأمانة عن تخصيص جزء منها لإزالة هذه المصيدة؟». وأثناء انتشال جثة فاطمة قال أحد المتجمهرين : «قيل كثيراً عن غدر البحر، وها أنا أرى ذلك بأم عيني»، مطالباً من الجهات المختصة بترويض البحر عبر اتخاذ العديد من التدابير التي من شأنها تحمي المتنزهين من الوقوع في الخطر.