يبدو أن المواطن السوري سينتظر أكثر من عشر سنوات كي يصبح قادراً على إنجاز معاملاته الحكومية بصورة إلكترونية، قد تكون طريقة للتخلص من الروتين والبيروقراطية المنتشرة في أغلب المؤسسات الحكومية. ويرتسم أفق ذلك الانتظار بعد الإستراتيجية التي أعلنتها أخيراً «وزارة الاتصالات والتقنية» بصدد تطبيق الحكومة الإلكترونية سورياً. وتتضمن الإستراتيجية التي وضعت بالتعاون مع «برنامج الأممالمتحدة الإنمائي»، ثلاث مراحل تبدأ الأولى منها في العام الجاري وترتكز الى «تهيئة المعلومات المتعلقة بالخدمات الحكومية ونشرها، واستكمال البنية التحتية والتشريعية والتقنية ومتابعة بناء بنوك المعلومات الوطنية، واستكمال تجهيز الوزارات كي تنشر خدماتها على بوابة الحكومة الإلكترونية، وإطلاق بعض الخدمات الرئيسية ذات الأولوية المرتفعة، وتفعيل الأقنية المختلفة في تقديم الخدمات للمواطنين، مثل الهاتف الثابت والخليوي ومراكز خدمة المواطن والإنترنت»، بحسب ما ورد في إعلان رسمي. وتمتد المرحلة الثانية بين عامي 2011 و2013. وتشمل إطلاق مجموعة كبيرة من الخدمات الرقمية التفاعلية، وإظهار صورة موحدة للخدمات الحكومية، والاستفادة من الخدمات المشتركة، والربط إلكترونياً بين المؤسسات، وحضّ المواطنين على استعمال الخدمات الإلكترونية وتوسيع قاعدة تقديم الخدمات لتشمل الأقنية المختلفة للتواصل. ومع نهاية المرحلة الثالثة التي تمتد بين عامي 2014 و2020، يصبح المواطن قادراً على إنجاز معاملاته المختلفة بشكل إلكتروني. وفي هذا الصدد، قال أمين عام مجلس الوزراء السوري ماهر المجتهد: «إن تطبيق الحكومة الإلكترونية يتطلب العمل على بناء نظم وبنوك معلومات متطورة على مستوى كل قطاع ومؤسسة، وتوفير البنية التحتية رقمياً بما يتناسب مع تأمين الربط بين الأطراف المختلفة عبر شبكة اتصالات واسعة». وفي محاضرة ألقاها أخيراً في دمشق، بيّن المجتهد أن الحكومة الإلكترونية تعمل على تحقيق العديد من النتائج المهمة، مثل: «التواصل والشفافية وبناء الثقة بين الحكومة والمواطن، وتطوير وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن، وخفض معدلات الهدر، وتخفيف الاختناقات الإدارية، وتنظيم وقتي الإدارة والمواطن، وتحسين مستوى التأهيل التقني والمهني للكوادر» . والمعلوم أن مبدأ الحكومة الإلكترونية يعتمد على الربط بين المؤسسات الحكومية بعضها ببعض من جهة، وبين المؤسسات والشركات والمواطن من جهة أخرى. ويجري ذلك الربط تقنياً عبر مراكز نفاذ تستفيد من شبكات الاتصالات والشبكات الرقمية، بهدف توفير إمكان تداول المعلومات وإجراء المعاملات ومتابعتها من بعد. وطالب المجتهد بوضع الأنظمة والقوانين والتشريعات المناسبة لعمل الحكومة الإلكترونية بهدف تطبيق نظم التراسل الإلكتروني وترسيخ قانونية تبادل الوثائق الرقمية واعتماد التوقيع الإلكتروني وتوافر وسائل وشرعية التسديد عبر الشبكات الرقمية، إضافة إلى أقلمة الأنظمة الضريبية وتطبيق قانون الحماية الفكرية وغيرها. ويذكر أن وزارة الاتصالات افتتحت أخيراً مركز «خدمة المواطن» في العاصمة دمشق بتمويل من الاتحاد الأوروبي، كخطوة أولى نحو تطبيق الحكومة الإلكترونية. وأنيط بالمركز تقديم خدمات السجل الصناعي والتجاري وإجازة الاستيراد.وعلى رغم أن المركز لا يتقاضى أجوراً على المعاملات التي يتسلمها من المواطنين، كما يلغي الاحتكاك بينهم وبين الموظفين، إلا أن أحداً لا يرتاده راهناً! كما أطلقت الوزارة الموقع التجريبي لمبادرة الحكومة الإلكترونية «إي غوف. ساي» EGOV.SY. وزوّدته بقرابة 700 خدمة رسمية. ويرى خبراء في المعلوماتية أن أهم ما يعيق تطبيق الحكومة الإلكترونية هو ضعف البنية التحتية وغياب التشريعات والقوانين، إضافة إلى انتشار الفساد في أغلب المؤسسات الرسمية. وقال أحد هؤلاء الخبراء لل «الحياة»: «لا يوجد في سورية أكثر من 20 ألف خط رقمي من نوع «أي دي أس أل» ADSL للإنترنت السريعة، على رغم أن عدد السكان يتجاوز 22 مليون نسمة». وسأل عن إمكان تطبيق الحكومة الإلكترونية في ظل بنية تحتية ضعيفة. لكن وزير الاتصالات عماد صابوني أكد أن وزارته تعمل حالياً على إنشاء شبكة أساسية للاتصالات، كما تُحدّث شبكتها الضوئية وتوسعها وتربطها مع الشبكات العالمية، ما يجعلها مؤهلة لتحمّل حركة نقل البيانات والملفات بسرعة كبيرة. وكذلك تعمل الوزارة على استكمال شبكات النفاذ للاتصالات بأنواعها، بهدف استدراك التأخير الحاصل في هذا المجال. ولفت صابوني أيضاً إلى مشروع بناء شبكات الاتصالات في الريف، الذي يشمل إضافة نحو نصف مليون خط هاتفي. وأوضح أن بلاده تُحضّر الآن جملة من مشاريع القوانين، مثلاً قانون خدمات الشبكة وقانون التعاملات الإلكترونية وقانون حماية الملكية الفكرية الرقمية وقانون الجريمة الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية، إضافة إلى قانون الاتصالات وغيرها.