خلصت مشاورات رسمية على أعلى المستويات خلال اليومين الماضيين في عمان إلى تصعيد لهجة الخطاب ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لكنها أظهرت تمسك مطبخ القرار بالعلاقة مع إسرائيل، رافضة التعامل مع مطالب المعارضة، وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين»، الداعية إلى قطع الصلات الديبلوماسية مع تل أبيب وغلق سفارتها في عمان. كما خلصت المشاورات بالإجماع إلى رفض طلب تقدم به بعض المسؤولين السياسيين، يتضمن سحب السفير الأردني من تل أبيب أيضاً على اعتبار أن الإقدام على مثل هذه الخطوة قد يكون أقل كلفة على الحكومة من طرد السفير الإسرائيلي، ويمكن أن يؤدي في الوقت ذاته الغرض الاحتجاجي من الجانب الأردني، وتبريد التظاهرات العارمة التي اجتاحت المملكة على نحو غير معهود منذ بدء العدوان. كما أكدت ضرورة اعتماد استراتيجية إعلامية تركز في الدرجة الأولى على الجهود الإنسانية التي يبذلها الأردن لتخفيف المعاناة عن سكان غزة، خصوصا من خلال مستشفاه الميداني في القطاع، واعتبارها جزءاً رئيساً من الحراك الديبلوماسي الأردني. وأكدت ضرورة التركيز على الجهود الديبلوماسية الأردنية داخل الأممالمتحدة ومجلس الأمن من أجل وقف النار. كما توافق المجتمعون على أن يقتصر التواصل والتنسيق مع الجانب الفلسطيني على منظمة التحرير والرئيس محمود عباس. وجاءت هذه التوافقات على وقع تصريحات لافتة لرئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور شن فيها هجوماً لافتاً على إسرائيل، ووصفها ب «العدو»، وهو وصف لم يُعهد أن صدر على لسان مسؤول أردني منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1994. وقال إن «الأردن موحد اليوم ضد الهجمة البربرية الوحشية غير المسبوقة على قطاع غزة». لكنه أردف أن «هناك كثيراً من الناس كلما دق الكوز بالجرة في أي قطر من الأقطار يأتون بالمشكلة إلى الأردن ويحاولون إظهار أن الدولة الأردنية مقصرة» في إشارة واضحة إلى جماعة «الإخوان». وأضاف أن «وجه القصور الذي يتحدثون عنه يتمثل في عدم سحب السفير الأردني من تل أبيب والسفير الإسرائيلي من عمان». واستطرد بالقول إن «سفيرنا موجود لخدمة مصالح أبناء الضفة الغربية الذين تمر طريقهم فقط من الأردن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بضائعهم ودوائهم وسفرهم ورحلاتهم الى العمرة والحج، والأمر ينطبق أيضاً على أبناء عرب ال48 وقطاع غزة». وتعيش المدن والمحافظات الأردنية منذ أيام احتجاجات شعبية واسعة ضد العدوان، تخللتها مطالبات بفتح الحدود الأردنية للجهاد، وإعلان إسقاط اتفاقية السلام الأردنية- الإسرائيلية. وكانت عمان شهدت تظاهرة هي الأولى من نوعها تبنتها قبيلة بني عبّاد شارك فيها ملثمون يحملون الأسلحة. وحمل أبناء هذه القبيلة لافتات تقول «حي على الجهاد»، وأطلق بعضهم الرصاص في الهواء.