بعد أن قضت 12 شهراً في الغربة تثابر وتجتهد حتى استطاعت الحصول على درجة الماجستير مع مرتبة الشرف، عادت إلى بلادها محملة بطموحات واسعة، لكن الواقع فرض عليها العمل بنظام التعاقد الموقت، وبعد فترة وجدت عقدها ملغى، وشاهدت زميلات لها بمؤهلات أقل يشغلن عملها المفترض، وأصبح مستقبلهن كما تصف إحداهن: «على كف عفريت». وأمام هذه القصة تجد نفسك أمام قضية فساد من نوع مختلف، فالتفوق والمثابرة لم يعودا كافيين لتحقيق الحلم والطموح الأكاديمي، إذ رصدت «الحياة» إنهاء عقود خريجات مع مرتبة الشرف في ثلاث جامعات سعودية، وتوظيف أخريات أقل منهن من حيث المؤهلات العلمية، وسط وجود شبهة المحسوبية والواسطة. ومعاناة أعضاء هيئة التدريس المتعاونات والمتعاقدات في الجامعات أصبحت قضية واقعية، فبعد جد واجتهاد دام أعواماً للوصول إلى الهدف المنشود، تقول المتعاقدة (م.ه) إنها أصيبت بالصدمة بعد اكتشافها تعيين مَن هن أقل منها تحصيلاً وزميلاتها المتفوقات، على رغم أنها خريجة مع مرتبة الشرف. من جهتها، ترى (م.ه) أن من العدل إعطاء الأولوية للمتفوقات باعتبارهن الأولى من غيرهن في التوظيف، موضحة أنه تم إنهاء عقدها بعد تعيينها مدة لا تزيد على خمسة أشهر من دون أسباب واضحة. وأصيبت متعاقدة أخرى في التدريس بإحدى الكليات (م.ن) وهي تحمل درجة الماجستير مع مرتبة الشرف الأولى من إحدى الجامعات البريطانية، بالصدمة جراء إنهاء عقدها وترسيم أخريات لا توازي مؤهلاتهن ما تحمله من خبرات وتفوق. وتقول إنه جرى تعيينها بشكل موقت، وتلقت وعوداً بالترسيم، لكن فوجئت بتعيين أخريات على وظائف أكاديميات بوظائف رسمية، مضيفة: «وبعد توقيعي العقد تبيّن أن وعود إدارة الكلية بأحقيتي في الترسيم ذهبت هباء، وتبيّن أن معظم الوظائف، وخصوصاً الأكاديمية ستكون من طريق مسابقة وظيفية، ويكون التقديم بقائمة جديدة لا تعطي الأفضلية للمتعاونات والمتعاقدات في الحصول على هذه الوظائف بحسب تأكيدات إدارة الكلية لها. واستدلت بقصة إحدى المحاضرات في القسم التي استطاعت توظيف ابنتها بعد مضي شهرين على تخرجها في وظيفة رسمية. بدورها، تكررت المعاناة مع المتعاقدة (ر. ن) التي تم الاستغناء عنها من مهنة التدريس، معبرة عن حسرتها من وقوع الظلم على بنات الوطن، من خلال ما تقوم به الكثير من الأجنبيات - على حد تعبيرها - وتأكيدها أن لهن السيطرة واليد الطولى في إدارة القسم في توزيع عدد الساعات. وفي المشكلة ذاتها، تقول المتعاقدة (ع. ر)، والتي تم إنهاء عقدها فيما بعد، إنها تقدمت إلى وظيفة محاضرة بعقد لمدة فصل دراسي واحد في إحدى الجامعات بالرياض، موضحة: «بعد تقديم أوراقي ودخولي للمقابلة الشخصية، تم تعييني مشرفة على التدريس والتدريب للطالبات اللاتي كن بعضهن يطبقن في مدارس مختلفة في الرياض»، وأضافت أنها فوجئت بعد أربعة أشهر على إغلاق باب المتعاقدات والمتعاونات لدى الجامعة، ما أدى إلى إنهاء عقدها ضمن أخريات. وسعياً منهن إلى النظر في وضعهن وإيصال صوتهن إلى المسؤول أملاً في إنهاء معاناتهن، قامت المتعاونات بوضع وسم في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» باسم (ترسيم- المتعاونات- في-الجامعات)، لكن المحاولة لم تجد تجاوباً من المسؤولين.