التلويح بطرد اليونان من منطقة اليورو يرقى الى الحماقة. ولا يسع احداً أن يقول لليونانيين أنهم إذا لم يقترعوا «كما يجب»، غلقت أبواب الحل امامهم. وتبرز الحاجة الى صوغ حل لأزمة منطقة اليورو لا يستثني اليونان أو يبعِدها، ويحضها على التزام تعهداتها. وحري بالأوروبيين المبادرة الى التفاوض مع حزب «بازوك» و «الديموقراطية الجديدة» ومع الجناحين المنشقين عن هذين الحزبين. والأحزاب هذه دانت الاتفاق المبرم مع الدائنين، ولكن يجب التوصل الى برنامج حل يلم بجوانب الأزمة كلها ولا يهمل الجانب الاجتماعي المترتب عليها. وقد يقتضي مثل هذا الحل تعديل الاتفاق قبل موعد أي انتخابات جديدة. ويقال ان سياسات التقشف بالغت في تقليص الإنفاق. ولكن يفترض النظر الى تجربة سابقة في تقويم هذه السياسات. فعلى سبيل المثل، إثر توحيد ألمانيا، تصدت ألمانياالغربية لتسديد كلفة رواتب التقاعد وشطر راجح من المساعدات الاجتماعية. والحيز السياسي تداعى في اليونان، وانهار، ويفترض بأوروبا أن تمنحها الأمل. وإذا تركنا اليونان لمصيرها ولم نمد إليها يد العون، برز خطر وقوع انقلاب عسكري. ومثل هذا الانقلاب يفاقم انهيار المستوى المعيشي، ولا أحد يعرف هل تدور عجلة هذا البلد إذا صكت دراخما جديدة. واحتمال خروج اليونان من منطقة اليورو، لا يحل مشكلات ايطاليا وإسبانيا. ولا اعتقد ان مثل هذا الانسحاب ممكن. وليس ميثاق الاستقرار الأوروبي في منأى من التعديلات كما تحسب ألمانيا. فالفرنسيون أبدوا رأياً مغايراً في المسألة في صناديق الاقتراع. ولا تقوم قائمة لمثل هذا الاتفاق من غير توافق فرنسا – ألمانيا. وفرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي المنتخب، مدعو الى تجنب المواجهة مع المستشارة الألمانية، أنغيلا مركل، والتواصل مع ايطاليا. وبدأ ماريو مونتي يدرك حدود مقاربته الليبرالية وضيق أفقها. وحري بهولاند التقرب إلى دول مثل اسبانيا والبرتغال. ولا شك في الحاجة الى الإصلاحات البنيوية، لكن ارساءها يقتضي وقتاً. وأنغيلا مركل أدركت أن ميثاق الاستقرار الأوروبي لن تقيّض له الحياة من غير أن تخطو ألمانيا خطوات تحفز النمو. ومن غير هذه الخطوات، لن يبصر الميثاق النور في ألمانيا، فالخضر والاشتراكيون - الديموقراطيون يرهنون المصادقة عليه بتحفيز النمو. واقترح انشاء صندوق مشترك للديون يتولى تسديدها، وتمويل البنك المركزي الأوروبي هذا الصندوق. والفكرة هذه ليست من بنات افكار اليسار السياسي. وسبق للحكماء (الخبراء) الألمان الخمسة، وهم يقدمون المشورة للحكومة، ان اقترحوا فكرة مشابهة. فمثل هذا الصندوق يقلص الى النصف خدمة تمويل الدَّيْن العام الإيطالي أو الإسباني. والنقاش المُلح يدور حول سبل تمويل موازنة الاتحاد الأوروبي. وفي الوسع فرض ضريبة على المعاملات المالية، وتحويل جزء ضئيل من العائدات الضريبية على القيمة المضافة الى موازنة الاتحاد، أو فرض ضريبة على الاتصالات. * ممثل مجموعة الخضر في البرلمان الاوروبي، عن «لوموند» الفرنسية، 12/5/2012، اعداد منال نحاس