أعلنت وزارة المال العراقية إطلاق القروض العقارية والزراعية من دون فوائد، فيما اعتبر خبراء هذه الخطوة باباً جديداً من أبواب الفساد المالي والإداري، مقترحين تسليم القروض إلى شركات لتنفذ مشاريع الإسكان بدلاً من إعطائها إلى المواطنين. وقرر وزير المال رافع العيساوي إطلاق قروض عقارية وزراعية للمواطنين من دون فوائد بشروط كثيرة، منها أن يمتلك طالب القرض أرضاً سكنية مستقلة أو مشاعة تغطي قيمتها مبلغ القرض، وأن لا تقل مساحتها عن مئة مترٍ مربعٍ، ولا تقل مساحة البناء فيها عن 65 متراً مربعاً. وتضمنت الشروط تقديم كفيلٍ ضامنٍ يغطي نصف راتبه الشهري مبلغ القسط الشهري المترتب بذمة المقترض. وأوضح الوزير أن «سقوف الإقراض حددت ب35 مليون دينار (30 ألف دولار) كحدٍ أعلى لمركز محافظة بغداد و30 مليوناً كحد أعلى لمراكز المحافظات والأقضية والنواحي». وأشار إلى أن القرض لن يعطى دفعة واحدة بل على دفعات متماشية ونسب البناء. ولفت إلى أن «القرض سيمنح من دون فائدة ويسترجع خلال 15 سنة، مؤكداً أن «القانون الجديد سيضمن المشاركة في تمويل الشركات الاستثمارية الراغبة ببناء مجمعات سكنية على ألا تزيد نسبة المشاركة على 50 في المئة من كلفة المشروع». وأكد رئيس لجنة التخطيط العمراني في محافظة بغداد، محمد الربيعي، في تصريح إلى «الحياة» أن مشكلة العجز الإسكاني تعد من أهم الملفات التي تواجهها الحكومة، وقال: «حاجتنا الفعلية لا تقل عن أربعة ملايين وحدة سكنية. في المقابل وبعد التحسن في الظروف المعيشية بدأت العائلات العراقية بالانشطار بعد توقف أو جمود دام لأكثر من عقدين بسبب العقوبات الاقتصادية وأخطار الحروب». وتابع: «هناك خمسة ملايين عائلة في العراق أو 32 مليون نسمة، غير أن عدد الوحدات السكنية أقل بكثير، ما يعني أن أكثر من عائلة تسكن في دار واحدة». واعتبر أن الحكومة العراقية أخفقت في تحديد حجم المشكلة ووضع الحلول لها عبر التركيز على جانب واحد، وقال: الذي نلاحظه هو أن مشاريع الإسكان تضطلع بها جهات مختلفة، فهناك وزارة الإسكان ومجالس المحافظات وصندوق الإسكان وقروض المصارف الحكومية والأهلية للإسكان، وهيئة الاستثمار. ورأى الخبير الاقتصادي عماد العبود أن تشتت جهود الدولة مشكلة تتراكم تدريجاً ولن تصل إلى الحل المنشود. وقال: «كل مجتمع له ظروفه وعاداته وتقاليده، ومن غير الممكن إقناع عائلة اعتادت على العيش حتى ولو في بيت صغير مستقل أن تنتقل إلى شقة في عمارة تحوي 80 عائلة أخرى أو أكثر أو أقل. قد يضطر بعضهم لذلك، لكني أجريت مسحاً بحجم متوسط بيّن أن النسبة الأعظم ترغب ببيت مستقل». وتابع: «المجمعات السكنية كان الهدف منها تقليل نسبة العجز الإسكاني، وخفض أسعار العقارات لكن حدث العكس فأسعار العقارات ارتفعت في شكل كبير وبخاصة الأراضي التي أصبحت أشبه بالعملة النادرة. أما عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة البجاري فأشارت إلى أن مبادرة وزارة المال ستفتح أبواباً أخرى من الفساد المالي والإداري، موضحة أن إعطاء المبالغ إلى المواطنين مباشرة ليس حلاً، فهناك طرق تحايل وتلاعب كثيرة سيقوم بها بعضهم والنتيجة هي أن هذه القروض لن تذهب لبناء وحدات سكنية بل لشراء سيارات أو مشاريع تجارية أو تسديد ديون. وطالبت الجهات المعنية باتّباع أساليب جديدة منها إعطاء القروض إلى شركات محلية أو عربية أو أجنبية لتنفذ المشروع بدلاً من المواطن الذي سيبقى مكلفاً بتسديد القرض والإبقاء على حجز الدار لحين التسديد كاملاً. واعتبرت أن هذه الآلية ستضمن ذهاب المبالغ إلى وجهتها الأصلية وهي بناء وحدات سكنية، كما أن التشييد سيكون أسرع وأفضل.