اعتبر أعضاء مجلس الشورى السعودي، ما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عند لقائه جمعاً من العلماء والمسؤولين أمس في جدة، يؤكد أن الفكر لا يحارب إلا بالفكر، ملقين باللائمة على المؤسسات التعليمية والإعلام الرسمي ورجال الدين ذوي الشعبية الكبيرة، في مواقع التواصل الاجتماعي، لإسهامهم عقوداً بممارسة الأحادية في الرأي والإقصاء، مطالبين بمراجعة المناهج الدراسية. وقال العضو اللواء عبدالله السعدون في حديثه إلى «الحياة»، الإرهاب لا يحارب بتجفيف المصادر المالية فقط، بل يجب أن تكون هناك خطط طويلة بعيدة المدى ومستمرة، للخروج بتوصيات إلى جميع الدول، مذكراً بالمبادرة العربية التي قدمها الملك لحل قضية فلسطين، والمركز العالمي لمحاربة الإرهاب. وطالب السعدون بتثقيف المعلمين لقبول الآخر، وعدم القطع في حقائق مطلقة وكره كل مختلف، في إشارة إلى أن من يسمع كلمة الملك يعرف أنه يجب الانتقال إلى مرحلة العمل لمحاربة الإرهاب بدءاً بالتعليم والتربية والمسجد والأسرة. وأشار السعدون إلى مطالبة الملك العلماء بالقيام بواجبهم، موضحاً ضرورة التحدث في مجالات تخصصهم من خلال المنابر والإفتاء بتجريم ما يجري من أعمال إرهابية باسم الإسلام، مضيفاً «علماء الدين لهم متابعون كثر في مواقع التواصل الاجتماعي التي يستطيعون من خلالها أن يؤثروا في المجتمع». من جهته، لفت عضو الشورى الدكتور أحمد الشويخات في اتصال مع «الحياة»، إلى أن كلمة الملك امتداد للقرارات السابقة في تجريم الإرهاب وتجريم المقاتلين خارج البلاد، وهي ضرورة لمحاربة التطرف والإرهاب الفكري واللفظي أو أي نوع آخر من التطرف. وطالب الشويخات بأن تترجم كلمة الملك إلى برامج عمل حقيقية في المحتوى المعرفي، الذي يصل إلى الفتيات والفتيان من خلال مناهج الدراسة والمؤسسات الاجتماعية والشبابية، وأن يتضمن هذا المحتوى المعرفي تعزيز احترام القيم الإنسانية والانفتاح على الآخر، ما يسهم في الحوار البناء الإيجابي مع العالم، والتخلي عن لغة التكفير والمذهبية». وفي السياق ذاته انتقد الشويخات «الثقافة والإعلام» البعيدة عن وزارة الاقتصاد والتخطيط، مطالباً الوزارة بوضع استراتيجية توضح الموقف الوطني وتسهم في التعاون مع المؤسسات التعليمة والثقافية في تنشئة جيل يعتز بدينه ووطنه ويتقبل الآخر ويدرك أهمية التنوع، وليس أحادي النظرة. وأوضح الشويخات، أن الملك حينما قال للعلماء: «لا تصمتوا»، فإنه يتساوى في ذلك أهل الفكر والثقافة وكل من لديه منبر، منتقداً وزارة التعليم قبل تولى الوزير الحالي الأمير خالد الفيصل ملفها، بأنها لم تؤدّ دورها لا على المستوى الأكاديمي ولا الثقافي، كما أن التعليم سابقاً كان بعيداً في التعامل عن الواقع». بدوره، اعتبر عضو الشورى الدكتور فهد العنزي، أن كلمة الملك دقت ناقوس الخطر وحددت معالم المشكلة، ووضعت العلاج، مضيفاً «الملك ألقى المسؤولية على عاتق الدول في محاربة الإرهاب، وبرأ الإسلام من أفعال المتطرفين القبيحة». وشدد العنزي على ضرورة أن يتحمل العلماء والمشايخ المسؤولية الكبرى في الرد على أصحاب الفكر الضال، مضيفاً «إذا تكاسلوا عن مقارعة الحجة بالحجة وفضح الإرهابيين أمام الملأ، فسيؤثر بشكل كبير في مكافحة الإرهاب، وهو دور أكبر من الذي تقوم به الجهات الأمنية». فيما رأى الدكتور عبدالله العسكر، أن خطاب الملك موجه إلى الأمة والناس الأحرار، مشيراً إلى أن أخطر ما جاء فيه قوله: «إن بعض الدول تستغل تلك الجماعات المتطرفة لأهداف شخصية وآنية»، كما أن الكلمة التاريخية فيها إشارات بليغة إلى الوضع الخطر في غزة، والإبادة الجماعية تكشف عما تقوم به إسرائيل من إرهاب. وأفاد العسكر بأن الملك ندد بصمت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، حيال ما يجري من انتهاكات خطرة تقوم بها الجماعات الإرهابية أو إرهاب الدول، مضيفاً: «بانت خيبة خادم الحرمين الشريفين من حال الركود أو الكسل التي عليها علماء الأمة الإسلامية، وخصوصاً علماء المملكة»، واعتبره عدم التماهي إيجابياً مع حال خطرة تمثلت في اختطاف الإسلام، ليصبح رهينة في أياد ملوثة بالدم، ما سيولد جيلاً لا يعرف إلاّ أن الإسلام دين القتل والهدم والجهل.