بل الجرائم في الطائف غير عادية. أقول هذا رداً على الناطق باسم شرطة الطائف الأخ الرائد محمد الغويدي، الذي صرّح ل «الحياة» ب «أنها عادية وغير منظمة»، تعليقاً على عدد من الجرائم البشعة، آخرها قتل والد لأبنائه الثلاثة. عرفنا الطائف مدينة حالمة تعانق الضباب، تعوَّد أهلها على السياح بانفتاح، فهي الوجهة الأولى للسياحة في السعودية منذ زمن بعيد، انخفض المد السياحي لها فترة من الزمن، ويتم العمل على استعادة مكانتها، ومن الإنصاف الإشارة إلى أن الشرطة لا يمكن أن تدخل كل بيت لإصلاح قضايا أسرية، هذا شأن اجتماعي غائب الآن، لكنها تباشر الحادثة، ويفترض عملها الجاد على تعزيز الأمن الوقائي... منع الجريمة قبل وقوعها، وتعوَّد بعض اخوتنا في الشرطة أن يخففوا من صدمة تزايد القضايا الجنائية بالقول إنها ليست منظّمة، حتى وصلنا إلى الجريمة المنظّمة. وفي أخبار نجاحات قوات الأمن في القبض على عصابات، ما يوضح الجريمة المنظّمة وتطورها، ولي عودة بإذن الله تعالى لهذا. إلا أن جرائم القتل والعنف، خصوصاً العائلية منها أشد وطأة على القلوب من السرقات، ولا يهوّن هذا من ضرر الأخيرة، ولا بد أن هناك أسباباً وجذوراً لكل جريمة. تم التحذير في حينه من آثار التداعيات الاقتصادية التي مررنا بها خلال السنوات الماضية، واستمرار ارتفاع الأسعار، وتزايد البطالة على الأوضاع الاجتماعية والأمنية، فمن الذي لا يستطيع رؤية خطر هذه الضغوط على المجتمع، ولا يخفف من الأمر؟ الإشارة إلى معاناة بعض الجناة من الأمراض النفسية أو تعاطي المخدرات، المختصون في العلاج النفسي يقولون إن كل واحد منهم لديه خلل نفسي والمسألة في مقداره. وفي التصريح المشار إليه، يتبيّن اختلاف رؤية رجل الأمن للواقع بين مرحلتين، الأولى وهو على رأس الخدمة، والنموذج هنا حديث الناطق باسم شرطة الطائف، والثانية بعد تقاعده، حيث نشرت «الحياة» الآتي: «يرى الخبير الأمني مدير شرطة محافظة جدة سابقاً اللواء متقاعد مسفر الزحامي، أن تعدد قضايا القتل في الطائف في حاجة إلى دراسة موسعة، تبيّن أسبابها ودوافعها وطرق معالجتها على أيدي اختصاصيين من القطاعات كافة»، وهو التوجه المفترض والمعقول. ثم إن لوم الصحافة لا يجعلنا نتقدم خطوة إلى الأمام، مثله مثل التخفيف من قضايانا، بالقول إن نسبة البطالة أو الفقر أقل مما يتدوال. وإذا نظرت إلى الأب الذي قتل أطفاله في الطائف، تأمَّل في وضعه وما جرى له، كيف كان وماذا أصبح؟ تحليلاً وتفحصاً وتدقيقاً لا تبريراً، فلا مبرر على الإطلاق لمجرد التفكير في مثل هذا الفعل الشنيع، التأمل لا شك يشير إلى مسؤولية المجتمع، من الضرورة تفحص الأسباب، وما إذا كانت هناك أبواب مسدودة، أو سُدت بأنظمة قديمة... تدفع فئة منا إلى اليأس وصولاً إلى الجنون. www.asuwayed.com