أحياناً نشعر بإحساس غريب في داخلنا، ويصدق، لكن لا نعلم حقيقة هذا الإحساس الذي نشعر به، مثلاً: إحساس الأم بولدها عندما يقع له مكروه كحادثة سيارة أو ما شابه ذلك، أو عندما تريد أن تقول جملة أو كلمة وقد يسبقك صديقك الجالس معك بقولها قبلك، أو كأن يقول شخصان العبارة نفسها في الوقت نفسه، أو كأن يتصل بك شخص كنت تفكر في الاتصال به. هذه المواقف كثيراً ما تحصل لنا، ومعظم الناس يعتقدون أنها صدفة وهي في الحقيقة توارد أفكار أو ما يسمى التخاطر الذي يعني انتقال أفكار وصور عقلية بين كائنات حية من دون الاستعانة بأي حاسة من الحواس الخمس. ومن أنواع التخاطر (التخاطر العفوي) الذي يكون بين المرسل والمستقبل وهذا ما يدعى برد الفعل اللا عقلاني، وفيه الانفعالات والحالات النفسية تنعكس على النشاط الكهربائي للمخ، وأبسط مثال له مشاهدة أكثر من شخص يتثاءبون فجأة في وقت واحد، ومعنى ذلك أن «الصيرورات النفسية» التي تحدث في جسم الإنسان يمكن أن تنتقل من شخص لآخر عن طريق التخاطر العفوي. وأثبتت الدراسات وجود روابط بيولوجية وتخاطر عفوي بين الأم وطفلها، ففي إحدى مشافي التوليد تم بحث ودراسة سلوكيات الأمهات وارتباطها بحالة الطفل الذي تم فصله عن الأم، فحينما كان يبكي الطفل كانت تظهر على الجانب الآخر حالة من العصبية للأم في نفس لحظة بكائه، وعندما يتألم الطفل لأي سبب فإن مظاهر القلق والتوتر تظهر على الأم أيضاً، على رغم أن الأم كانت لا تملك أية وسيلة للتعرف على حالة طفلها، وأثبتت هذه الدراسات أيضاً أن هذه الصلة التخاطرية العفوية تنتقل في كل من الاتجاهين؛ فإذا توجّعت الأم بشدة أحس الطفل الوليد وبكى، وهذا النوع من التواصل يتحقق بنسبة 65 في المئة من الحالات. ويمكن القول: «توارد الأفكار والخواطر من أرقى الظواهر الإنسانية الخارقة، كون الإحساس والمشاعر تكون سيدة الموقف». [email protected]