زاد سقوط عشرات القتلى والجرحى من المعتصمين في محيط وزارة الدفاع المصرية بعد هجوم بالأسلحة النارية وقنابل الغاز شنه مسلحون مجهولون عليهم، من حال الارتباك السياسي، قبل نحو ثلاثة أسابيع من انتخابات الرئاسة، ووحد غالبية القوى السياسية من مختلف الاتجاهات على تحميل المجلس العسكري المسؤولية، ما دفع الأخير إلى تجديد التزامه تسليم السلطة للمدنيين فور انتخاب رئيس. وسقط قتلى وجرحى في أعنف هجوم على معتصمي وزارة الدفاع من دون أي تدخل من قوات الجيش المنتشرة بالمئات في مواجهة الاعتصام. وشن عدد كبير من «البلطجية» غارة محكمة على الاعتصام ليل أول من أمس، ما أسقط عدداً من القتلى قدرته وزارة الصحة بسبعة ومسؤولو المستشفيات الميدانية في الاعتصام بنحو 20 قتيلاً، فضلاً عن عشرات المصابين. واستخدم المهاجمون طلقات نارية وزجاجات حارقة وقنابل مسيلة للدموع والحجارة وكرات حديد، واعتلوا جسراً مطلاً على ميدان العباسية، ما مكنهم من إصابة عدد كبير من المعتصمين. واستمرت المعركة طوال الليل وساد فيها الكر والفر بين الجانبين واكتسى الميدان بالحجارة والنتوءات التي خلفها إطلاق قنابل الغاز. وتدخل الجيش في الصباح للفصل بين المعتصمين والبلطجية، لكن احتكاكات بين جنود وعدد من المعتصمين دفعت قيادة الجيش إلى إصدار أوامر لقواتها بالانسحاب من الميدان لتحل محلها قوات الشرطة التي تكفلت بالفصل بين المعتصمين ومحيط الميدان وطوقت الشوارع المحيطة بمقر الاعتصام، لكن الاشتباكات تكررت بين المعتصمين والمهاجمين في وجود الشرطة التي لم تتدخل. ووصلت مسيرات حاشدة عدة إلى مقر الاعتصام تضامناً مع المتظاهرين، بينها مسيرة شارك فيه المرشح للرئاسة حمدين صباحي واخرى تصدرها منافسه عبدالمنعم ابو الفتوح. وعلق صباحي وأبو الفتوح والمرشح خالد علي ومرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي حملاتهم الانتخابية أمس حداداً على أرواح الضحاياً. وأكد أبو الفتوح رفض «استمرار استباحة دماء المصريين وإهدار حقوقهم في التظاهر والاعتصام السلمي»، فيما حذر عمرو موسى من «انشغالنا بخناقات ومصادمات تعطلنا عن تحريك مصر إلى الأمام»، منتقداً «حكم الفوضى». وتحدث مرشح «الإخوان» عن «ترتيبات شيطانية تجري على الأرض الآن الهدف من ورائها إرجاء الاستحقاق الرئاسي». وفي وقت كان نائب رئيس المجلس العسكري رئيس الأركان الفريق سامي عنان يعقد اجتماعاً قاطعته أحزاب رئيسة مثل «النور» السلفي و «الوفد» و «غد الثورة» و «البناء والتنمية» وانسحب منه رئيس «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار احتجاجاً على «مجزرة العباسية»، عقد حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، اجتماعاً مع غالبية الأحزاب انتهى إلى بيان تضمن هجوماً شديداً على العسكر والمجتمعين معهم. وحملت الأحزاب المجلس العسكري «مسؤولية إراقة الدماء في العباسية»، وطالبت بإطاحة حكومة كمال الجنزوري. وأفيد بأن اجتماع المجلس العسكري حضره ممثلو أحزاب «الاصلاح والتنمية» و «التجمع» و «المصريين الأحرار»، إضافة إلى نواب، وركز على البحث في معالجة أحداث العباسية. غير أن جنرالات الجيش ألقوا بالكرة في ملعب قادة الأحزاب المشاركين، فطالبوهم بالتدخل لدى المعتصمين لفض الاعتصام أو نقله إلى ميدان التحرير، وعلم أيضاً أن عنان تبرأ خلال الاجتماع من المسؤولية عن الهجوم على المعتصمين. ونقل البيان الختامي للاجتماع عن عنان أن المجلس العسكري «يبحث في تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب في حال فوزه بالجولة الأولى بعد أداء اليمين الدستورية مباشرة» نهاية الشهر الجاري. واضاف أن «المجلس ينتظر بفارغ الصبر إجراء الانتخابات الرئاسية»، مؤكداً أن «لا تأجيل للانتخابات» التي ستنطلق مرحلتها الأولى في 23 الشهر الجاري. وأوضح رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد عصمت السادات أن قادة المجلس العسكري «اعتبروا أن الاعتصام في محيط وزارة الدفاع محاولة لجر الجيش للاحتكاك بالمعتصمين، وقالوا انهم لا يريدون الدخول في مواجهات مع أحد». وزادت الاشتباكات الحشد لتظاهرات دعت إليها قوى ثورية غداً الجمعة تحت مسمى «جمعة النهاية». وأعلنت أمس أحزاب «الحرية والعدالة» و «النور» و «البناء والتنمية» و «الوسط» و «غد الثورة» و «الحضارة» المشاركة في التظاهرات «احتجاجاً على أحداث وزارة الدفاع والعباسية، والوقوف صفاً واحداً ضد التسريبات الخاصة بتغيير الجدول الزمني لتسليم السلطة». وعقدت «حركة 6 أبريل» مؤتمراً صحافياً أعلنت فيه «الحداد العام على استشهاد عضو الحركة الطالب في كلية الطب إبراهيم أبو الحسن، وجميع شهداء مذبحة العباسية». وأمر النائب العام عبدالمجيد محمود بفتح تحقيق فوري في أحداث العباسية. وأعلن مساعده عادل السعيد أن نيابة غرب القاهرة بدأت التحقيقات، وان «النيابة العامة أمرت بتكليف الشرطة بالتحري عن مرتكبي تلك الأحداث وكشف هوياتهم».