واصلت مصر جهودها واتصالاتها أمس لاحتواء الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية على خلفية تعرض البعثات الديبلوماسية السعودية لسلسلة اعتداءات وقرار الرياض اغلاق سفارتها وقنصليتيها واستدعاء سفيرها للتشاور، في وقت اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أن ما تشهده علاقات البلدين لا يعدو أن يكون «سحابة عابرة». وأجرى رئيس البرلمان المصري سعد الكتاتني اتصالاً برئيس مجلس الشورى السعودي محمد بن عبدالله آل الشيخ، مؤكداً عمق العلاقات بين البلدين وتاريخيتها، وقال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو للنواب أمس انه «ينبغي أن لا توضع العلاقات مع السعودية في كفة والمواطن (المصري) أحمد الجيزاوي في كفة»، في إشارة إلى المحامي المصري الذي تحتجزه السلطات السعودية بتهمة حيازة حبوب مخدرة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» في جدة أمس إن تقريراً أصدره مركز السموم والكيمياء في جدة أثبت «إيجابية» عينات من المواد التي كانت بحوزة الجيزاوي، ما يؤكد أنها محظورة دولياً. وقال الكتاتني في بيان امام مجلس الشعب إن العلاقات بين البلدين تاريخية، ولا يستطيع أحد أن يفرق بين الشعبين الشقيقين. وأضاف أنه اتصل برئيس مجلس الشورى السعودي وأكد له عمق «العلاقات التي تضرب بجذورها في التاريخ»، موضحاً أنها لن تتأثر بحادث عابر. وأكد في بيانه أنه «لا يرضينا ما وقع في محيط السفارة السعودية أخيراً». واشار الكتاتني الى ان ما حدث لمواطن مصري في السعودية يمكن أن تتضح صورته بالطرق القانونية. وقال إن الأشقاء في السعودية يدركون ما تمر به مصر من مرحلة دقيقة، وهم يقدرون ذلك، مؤكداً أنهم يجب ألا يأخذوا شعباً ببعض الانفعالات، ودعا الى عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها. وأكدت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا أن الأزمة الحالية بين مصر والسعودية عابرة، وسيتم احتواؤها نظراً إلى صلابة العلاقات بين البلدين والتي تعلو فوق أي مشكلة. ونفت أن يكون لما حصل أي تأثير على الدعم الاقتصادي أو الخليجي لمصر، وقالت في مؤتمر صحافي أمس، إن هذه مواضيع منفصلة وليس من المتوقع أن تسحب السعودية استثماراتها من مصر. وأجرى العربي اتصالا مع الأمير سعود الفيصل ومع نظيره المصري محمد كامل عمرو لمتابعة تطورات القضية، وأعرب عن «الثقة في حكمة حكومتي البلدين لتجاوز هذه السحابة العابرة في العلاقات التاريخية والاستراتيجية المتميزة والتي لا يمكن أن تتأثر بحادث عارض، سيعالج في إطاره المعتاد». وأبدى العربي يقينه بأن «ما يربط البلدين من علاقات في كل المجالات، وما عبرت عنه القيادة السياسية في الدولتين والقوى الوطنية، سيتيح تجاوز آثار ما حدث، وأن العلاقات المصرية - السعودية ستظل دائماً سنداً وركناً أساسياً للعمل العربي المشترك». وفي جدة، كشفت مصادر مطلعة ل»الحياة» وجود متهم آخر في قضية تهريب الأدوية المضبوطة بحوزة الجيزاوي، لكنه لا يزال طليقاً. وأوضحت أن الجهات المختصة طلبت إحضار الشخص الذي أُرسلت له المواد المضبوطة للتحقيق معه. وذكرت أن هيئة التحقيق والادعاء العام السعودية أرفقت بتحقيقها تقريراً صدر عن مركز السموم والكيمياء الشرعية في جدة أثبت «إيجابية» عينات المواد المصادرة، وأنها من قائمة «الأدوية المحظورة دولياً إلا بوصفه طبية». وقال المحامي السعودي الدكتور باسم عالم إنه تمكن من مقابلة المتهم الجيزاوي أمس، وان الاخير اعترف لها شفهياً في حضور مجموعة من «ذوي الشأن» بأنه أدخل حقائب الأدوية الممنوعة إلى السعودية عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة أثناء قدومه بهدف أداء العمرة. وأوضح عالم أنه قرر عدم الترافع عن المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكم الشرعية لأنه استمع إلى اعتراف المتهم بنفسه وبطريقه مباشرة بعيداً عن جهات التحقيق، وعمَّا دار أمام المحققين. وتوقع المحامي السعودي تصنيف القضية تحت مسمى «تهريب أدوية» وليس «تهريب مخدرات». وعزا ذلك إلى «أن ما عثر عليه بحوزة المتهم يعتبر مصنفاً في قائمة الأدوية المحظور استخدامها إلا باستشارة طبيب». وكشف مصدر آخر ل»الحياة» أن الحبوب التي ضبطت بحوزة الجيزاوي سبق أن ضبطت حقن منها تؤدي المفعول نفسه مع طبيبين مصريين يعملان في أحد المستشفيات الخاصة في جدة. وأكد أن الحبوب التي ضبطت في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة تسبب الإدمان ويمنع استخدامها في السعودية.