المنافسة بالنغمة العالية ذاتها على كل الجبهات، إما أن تجلب كل الألقاب، وإما أن ثمن خسارتها سيكون غالياً وباهظاً، ينطبق ذلك تماماً على فريق برشلونة الذي كان منافساً تحسب له الأندية ألف حساب في كل الاستحقاقات وكان دائماً الطرف المرشح، وفي كل مسابقة يكون أحد أضلاعها، بدأ موسمه بالاحتفال بلقب «السوبر» الأوروبي عندما تغلب على بورتو البرتغالي، وطبع «الكاتالوني» بعد ذلك الشعار الذهبي على قمصانه، الذي يمثل فوزه بكأس العالم للأندية على حساب سانتوس البرازيلي. وشرع لاعبوه في تسجيل الأرقام القياسية، واحتلوا كل مساحات الإعلام الرياضية على مستوى العالم للثناء على أرقام تعد إنجازات وصناعة تاريخ جديد، بدءاً من الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي سجل «هاتريك» أربع مرات، و«سوبرهاتريك» أربع مرات أيضاً، بل إن الأمر وصل إلى تسجيله خمسة أهداف في مباراة واحدة مع مونشنغلادباخ الألماني في اللقاء الذي انتهى بسبعة أهداف في مقابل واحد، ليونيل الساحر بلغ قمة ترتيب الهدافين في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وزاحم رونالدو على مستوى الدوري بتسجيله 41 هدفاً، وبفارق هدف وحيد لصالح عملاق مدريد «كريستيانو». «البلاو غرانا» نال كل شيء، فله الاستحواذ في كل مبارياته، حتى وإن خسر، وهو حينما يلاقي نظراءه، فإنه لا يمرر أقل من 500 تمريرة كمتوسط، وفي العادة يحقق الآخرون نصف هذا الرقم، فلاعبو «استقلالي كاتالونيا» يقدمون أداءً خرافياً على أرض الملعب يصعب على جل أندية المعمورة تقديم مثيله! ولكن للمصائب رأياً آخر، فهي إن أتت لا تأتي فرادى، كما أنها إن أصابت فتعتري، ولا تنصف برشلونة أو غيره، إذ كان طالع أبناء غوارديولا يحدد مصيرهم في أهم مسابقات الموسم في غضون 14 يوماً، وأمام أعتى الخصوم فالمصير يتعلق بالغريم اللدود ريال مدريد، واللندني العتيد تشلسي، والأخيران قصة قاتلة في أعين «الكاتالونيين» لن يشعر بمرارة ما فعلوه سواهم. قص تشلسي شريط التصدي لنفوذ برشلونة في الميادين ووضع حداً لسطوته، حينما التقاه في لندن، وألحق به خسارة لم تكن متوقعة بهدف من دون رد، فكان الموعد هذه المرة مع من يدعى ب«الميرنغي» وهو أشد خصوم «البرشا»، لقب «الليغا» في أحضان «الملكي»، إلا إذ كان ل«شياطين النوكامب» رأي آخر، ولكن الرؤية المخالفة كانت لرونالدو ورفاقه، إذ لم يكتفوا بالتعادل، بل هزموا غريمهم وغردوا بصدارتهم، وكان على ميسي وزملائه أن يحافظوا على ما تبقى من الآمال في دوري أبطال أوروبا، أمام تشلسي الذي أجهز على برشلونة في معقله، وخطف بطاقة الوصول إلى النهائي الكبير، تاركاً نظيره غارقاً في دموع الحسرة، حسرة وداع أهم البطولات، وحسرة التفريط بلقب الدوري في أسبوع أقل ما يقال عنه إنه «أسبوع النكسة». وبعد الأيام العصيبة التي خلفت برشلونة تائهاً وغريباً في موطنه «الكامب نو»، ماهي ثمرة أرقام ميسي «التاريخية»، والاستحواذ «الاستثنائي» على مستوى المعمورة، وعدد التمريرات الهائل والإعجاز؟ فكل ما يعبر عن «أسطورة» كاتالونية غزت العالم، وهيمنت على كل شيء، طار أدراج الرياح، فتحول ملعبهم التاريخي إلى مسرح لاحتفالات الضيوف «القساة» تشلسي، وقبلهم ريال مدريد. وعقب المسير بسرعة هائلة، وأناقة ساحرة في طريق القمة مفترق مدريدي، وآخر لندني كتب نهاية حزينة لأسطورة لم تترك لقباً إلا وتزينت بذهبه. اغتيال «حلم»... وميلاد «نجاح» معاناة كبرى واجهها مهاجم تشلسي، الإسباني فرناندو توريس منذ انتقاله إلى «البلوز» قادماً من ليفربول، فقدَ حساسية التسجيل، وخَفتَ بريقه، ولم يعد صيته ذائعاً، وبات محط اللوم دوماً. إفعل ما شئت يا توريس، ودعْ التهديف إن أردت، لا تحضر من ضفاف ذلك الغياب الآثم، هناك في «البريميير»، هكذا بالكاد حال لسان جماهير تشلسي بعد هدف «النينو» في شباك برشلونة، الذي يوازي مسيرته كاملة ربما في «الليفر» و«البلوز». توريس أمضى على شهادة ميلاده مجدداً، وعلى نجاح فريق ومدرب، واغتال حلماً «كاتالونياً» سالت بسببه دموع الحسرة.