دمشق، بيروت، لندن - «الحياة»، ا ف ب، ا ب - عاد فريق من المراقبين الدوليين الى مدينة حماة امس بعد تعرضها لحملة عسكرية على يدي قوات النظام اسفرت عن مقتل العشرات، وكان بين القتلى ناشطون ممن كان المراقبون التقوهم خلال زيارتهم الاولى للمدينة الاحد الماضي. واتهمت الرابطة السورية لحقوق الانسان القوات النظامية بتنفيذ عملية «اعدام ميداني» اول من امس الاثنين بحق تسعة نشطاء التقوا وفد المراقبين. وأكد أحمد فوزي الناطق باسم المبعوث الأممي - العربي كوفي أنان ل «الحياة» أن الاخير، في إحاطته التي كانت مقررة الى مجلس الأمن في جلسة مغلقة أمس، اعتزم التركيز على «حيوية ومركزية وقف العنف في سورية، بدءاً بجانب الحكومة أولاً، كشرط مسبق لبدء الحوار السياسي»، وعلى ضرورة انتشار المراقبين الدوليين بسرعة للتمكن من التأكد والتحقق من «صدق التقارير التي تصلنا» من الحكومة السورية، وعلى مطالبة الحكومة السورية «تطبيق التزاماتها وسحب الأسلحة الثقيلة». وشكك فوزي في المزاعم الواردة في رسالة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى أنان بأن الحكومة السورية لبت المطلوب منها في ما يتعلق بسحبت أسلحتها الثقيلة وقواتها من الأماكن السكنية. وقال: «لم يتحقق هذا الكلام بعد حتى الآن، وتصلنا تقارير عن ذلك من مصادر موثوقة بينها الأقمار الاصطناعية». وقال إن قوات الأمن السورية «ربما قتلت أشخاصاً سوريين التقوا المراقبين الدوليين بعد مغادرة المراقبين»، وإن أنان «ٍاعتزم إبلاغ مجلس الأمن بذلك». واتهمت مصادر معارضة المراقبين بالقيام بجولاتهم برفقة رجال من امن النظام ومن عناصر الاستخبارات، وهو ما يسمح لهؤلاء بمراقبة الاهالي الذين يلتقون المراقبين وينقلون الشكاوى لهم، ثم تقوم قوات الامن بملاحقة هؤلاء واعتقالهم او قتلهم بعد مغادرة المراقبين. وقال ناطق باسم تنسيقيات دمشق وريفها إن «المراقبين ينسقون مع النظام. يقررون زيارة دوما التي كانت تتعرض لاقتحام وقصف، فيسحب النظام آلياته قبل وصولهم. يسيرون في الشارع العام، لا يشاهدون شيئاً، ويرفضون مرافقة الناشطين إلى أي مكان فيه إطلاق نار أو منزل مدمر أو شهيد». وخرجت تظاهرات مساء امس في عدد من المدن، رفعت فيها لافتات وشعارات تنتقد بطء مهمة المراقبين وعدم التزام النظام بخطة انان. ومن اللافتات «الشهداء بالجملة، المراقبون بالتقسيط، من دون دفعة اولى»، واخرى «آخر كذبة نيسان الالتزام بخطة انان» التي رفعها متظاهرون في حي القابون في دمشق. ووزع ناشطون اشرطة فيديو من حي الاربعين في حماة، ظهر فيه شارع شبه مقفر فيه بقع كبيرة من الدماء. وبدت فتاتان تبكيان وهما تحملان صورة رجل قالت احداهما انه عمها والاخرى انه والدها، بينما كانت امرأة اخرى تنتحب حاملة قميصا لاحد افراد عائلتها. وكان منتظراً أن يستمع مجلس الأمن بعد ظهر أمس، بتوقيت نيويورك، إضافة الى إحاطة أنان، الى مسؤول قسم عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة إيرفيه لادسوس حول «التقويم الميداني للوضع في سورية، وتصور قسم عمليات حفظ السلام للمرحلة التالية في شأن إمكان نشر بعثة المراقبين كاملة في حال تقيد الحكومة السورية بوقف العنف وسحب قواتها وتكليف الشرطة حفظ الأمن»، بحسب مصادر مجلس الأمن. وقالت المصادر إن إحاطة لادسوس «ستكون بالغة الأهمية نظراً لكون مجلس الأمن قد كلف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتقويم الوضع الميداني، واتخاذ قرار نشر البعثة في ضوء ذلك التقويم الذي يعتمد على تقرير قسم عمليات حفظ السلام». وبحسب ما قال فوزي ل «الحياة»، اعتزم أنان التعبير عما «ينتابنا من قلق شديد من الوضع على الأرض وخروقات وقف النار»، إضافة الى «توجيه الشكر الى مجلس الأمن على المساندة القوية وتبنيه القرار 2043 بالإجماع لإنشاء بعثة المراقبين ونشرها في سورية». وأضاف أن أنان «اعتزم أن يطلب سرعة الانتشار بناء على تقويم الأمين العام بان كي مون للأوضاع على الأرض». وتوقع فوزي أن تتضمن الإحاطة «تنديد المبعوث الخاص بالخروقات الميدانية»، والتركيز على أنه «من غير وجود مراقبين على الأرض لن نتمكن من التيقن من صدق التقارير التي تصلنا». وأضاف «أننا في حاجة الى عيون وآذان على الأرض». وقال فوزي إن قوات الأمن السورية «ربما قتلت أشخاصاً سوريين التقوا المراقبين الدوليين بعد مغادرة المراقبين». وأضاف، في حديث الى تلفزيون الأممالمتحدة، أن أنان اعتزم إبلاغ مجلس الأمن بأن «صور الأقمار الاصطناعية وتقارير موثوقة تظهر أن الجيش السوري وأسلحته الثقيلة لم ينسحب من المدن والمراكز السكنية»، واصفاً ذلك بأنه «غير مقبول». وقال إن أنان اعتزم إبلاغ مجلس الأمن بالحاجة الى «وجود أقوى للمراقبين مع قدرة تحرك مرنة» على الأرض في سورية. وشدد فوزي على «أهمية ومحورية وحيوية وقف العنف ووقف النزيف». وقال: «لا يمكن بدء حوار سياسي طالما لا وقف للعنف ولا يمكن الحفاظ على وقف العنف بلا حوار سياسي». ورداً على سؤال عن توقيت وظروف توجه أنان بطلب الى الرئيس السوري تعيين محاور يمثل الحكومة السورية تطبيقاً لما جاء في النقاط الست، قال فوزي إن مسألة المحاور لن تكون ضمن الإحاطة أمس لمجلس الأمن. وأضاف أن «أنان سيطلب تعيين المحاور عندما يرى أن الوقت قد حان لذلك وبعد قيامه بتقويم الوضع الميداني». وشكك في ما قاله المعلم في رسالته بأن الحكومة السورية قد سحبت قواتها وأسلحتها الثقيلة وكلفت الشرطة ضبط الأمن وحفظ النظام. وقال «ما زلنا في مرحلة التقويم والتحقق عبر عدة مصادر بالنسبة الى تطبيق الحكومة التزاماتها «وحتى الآن هذا الكلام لم يتحقق بالكامل بعد». وبحسب مصادر مطلعة في جنيف، يشعر أنان أن أمام الجميع في سورية طريقين: إما «المزيد من النزيف ومقتل 10 آلاف آخرين من السوريين أو إيقاف النزيف والانخراط في التحدث بكل حماسة وقوة حول مصادر القلق، لبدء مرحلة انتقالية الى دولة ديموقراطية تعددية». وكانت العاصمة السورية شهدت امس تفجير عبوة ناسفة في حي البرزة قتل فيه ثلاثة من رجال الاستخبارات. كما انفجرت سيارة في منطقة المرجة قرب المركز الثقافي الايراني اسفرت عن مقتل شخص في داخلها واصابة آخرين واضرار مادية بالابنية المجاورة. وذكرت مصادر معارضة ان متظاهرين قاموا بقطع الطريق الذي يصل الى قصر الشعب من طرف مشروع دمّر بالمواد المشتعلة. واستمرت حملة الاقتحامات والاعتقالات التي تقوم بها القوات السورية وشملت امس سقبا والحمورية بريف دمشق وداعل في محافظة درعا وحي جوبر والسلطانية في حمص. وسمعت في دوما صباحا اصوات انفجارات واطلاق نار كثيف. وكانت القوات النظامية اقتحمت الاحد هذه المدينة التي تعد مركز الاحتجاجات في ريف دمشق بعدد من الدبابات تحت غطاء مدفعي وناري كثيف.