ولدت الفلسطينية هبة أسعد في العام 1931 في بلدة جماعين قضاء نابلس، لأب من جماعين وأم من مدينة نابلس. أمضت طفولتها في نابلس ودرست في مدرسة راهبات مار يوسف، لكنها لم تكمل دراستها بسبب النكبة في العام 1948. تزوجت بعدها من بهجت محمود عودة وانتقلت إلى مدينة البيرة العام 1966، إلا أنها أصرت على استكمال دراستها وهي في سن 48 عاماً، وتقدمت لامتحانات الثانوية العامة ضمن الدراسة الخاصة. ومما زاد رغبتها في نيل شهادة الثانوية العامة رغبتها في الانضمام إلى رابطة الفنانين الفلسطينيين وأن تصبح مدربة في مدرسة «رباح» للقيادة. اكتشفت أسعد موهبتها في الرسم في مدرسة راهبات مار يوسف في عامها الأخير من الدراسة (1947)، واطلع على رسومها قائم مقام في عهد الانتداب البريطاني، واقترح على والدها مساعدتها في السفر إلى إيطاليا لاستكمال دراستها في مجال الفن والرسم، إلا أن والدها لم يسمح لها بالسفر وحدها، فاتخذت الرسم هواية. وكانت هبة أسعد عودة فاعلة في العمل الوطني والاجتماعي عبر عضويتها في جمعية إنعاش الأسرة العام 1968 قبل أن تنتخب عضواً في الهيئة الإدارية في بداية ثمانينات القرن الماضي وبقيت فيها حتى بداية الألفية الثانية. لعل لوحات هبة أسعد لا تحمل الكثير مما يفاجئ أو يبعث على الدهشة من الناحية الفنية، لكن الإبهار في الإصرار، فهي رغم بلوغها الثالثة والثمانين، تقيم معرضها الشخصي الأول! ففي البلدة القديمة من بيرزيت، وضمن «أسبوع التراث» الذي تنظمه مؤسسة الروزنا، وفي غرفة تحفظ رائحة التاريخ بين جدرانها، كان للوحات أسعد حضور لافت، ما بين رسوم لأمكنة زارتها أو لأناس شاهدتهم، أو لمناظر طبيعية حقيقية أو متخيلة من فلسطين وخارجها في معرض كان بمبادرة من ابنتها رانا عودة، وبمساعدة حفيدتها مجد حجاج، في حين شاركتها حفيدتها الأخرى التي تحمل اسمها بلوحة «الثوم» في المعرض. وعبرت الفنانة الثمانينية عن سعادتها بالمعرض، وعن افتقادها لوحاتها في الأيام التي غادرت فيها منزلها في بيتونيا، بخاصة أنها «ترسم اللوحة وتعيش معها»، مشيرة إلى أن تأخرها في الإفصاح عن موهبتها وتقديم معرضها الشخصي الأول يعود إلى طبيعتها الشخصية التي «لا تحب الأضواء»، لافتة إلى أن لوحة «العصفور» هي آخر لوحة رسمتها قبل قرابة العشر سنوات، في حين بدأت ترسم وهي في المرحلة الإعدادية بالمدرسة. وحول حكاية المعرض، أشارت رانا عودة، ابنة صاحبته، إلى أن عدداً من القائمين على تنظيم «أسبوع التراث» في بيرزيت شاهدوا لوحات والدتها في مكتب لها، وسألوا عن مبدعها، فأخبرتهم بأنها والدتها الثمانينية. «من هنا جاءت فكرة المعرض بمبادرة منهم». وقالت: في البداية كانت مترددة، لكننا شجعناها، وهي لفتة صغيرة أمام ما قدمته لنا، ولا تزال». أما هبة أسامة عودة الحفيدة، صاحبة لوحة «الثوم» في معرض جدتها، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، فقالت: «يبدو أن موهبة الرسم انتقلت إلي بالوراثة من جدتي كما هو الاسم. أرسم منذ الصغر، وساعدتني أسرتي على تنمية موهبتي وصقلها بالالتحاق بدورات متخصصة. جدتي شجعتني كثيراً، ولطالما أخذت وما زلت بنصائحها». لطالما تمنت هبة أسعد عودة أن تقيم معرضاً للوحاتها، وها هي في العام 2014، وفي سن 83 عاماً تشهد أول معرض خاص لها. وعن ذلك قالت حفيدتها مجد حجاج: «جدتي ليست فنانة محترفة بل هاوية، وكان هذا المعرض حلماً لها. وصدف أن زار عدد من القائمين مكتب المؤسسة التي تعمل فيها والدتي وأعجبهم بعض الرسوم، وفوجئوا بأنها لم يسبق عرضها للعامة، وأن صاحبتها تجاوزت الثمانين من العمر. كان دوري الترويج للمعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة «فايسبوك»، لدعم تحقيق حلم جدتي من جهة، ولكون المعرض فيه كسر للكثير من الحواجز المجتمعية من جهة أخرى. والمهم أنه حظي بإقبال واهتمام كبيرين، فكانت الرسالة «لا يمكن العمر أن يقف حاجزاً أمام الإبداع».