فجأة ومن دون مقدّمات، أعلن المفكر السعودي إبراهيم البليهي تذمره وامتعاضه من العدد القليل للنافذة «التويترية» الواحدة، ليلي ذلك مباشرة – بعد نقاشات خفيفة مع مشاركين آخرين – إعلانه عدم استطاعته الإكمال في المساحة الضيقة. فقبل بضع تغريدات قليلة من إعلانه المفاجئ انصرافه عن «تويتر» كان البليهي يخاطب متابعيه: «أنا سعيد بوجودكم وحفي بمتابعتكم ويسرني اهتمامكم، فلكم جميعاً صادق الشكر وعميق الامتنان دمتم مضيئين». لينقلب الوضع بصورة مفاجئة إلى أن خاطب أحد محاوريه بقوله: «بالتويتر وحروفه المحدودة لا أستطيع أن أشرح لك هذه القضية الأساسية لكنني أحيلك لمقالاتي بموقع صحيفة الرياض إن شئت». وكانت القضية التي اعتزل البليهي بعدها حلبة «تويتر» متعلقة بحوار دار حول قضية «الإنسان والفطرة»؛ إذ كتب البليهي: «الأصل في الإنسان قبل التهذيب والتدريب والتعلم هو سوء الأدب والجهل والغلظة والخطأ، فكل المزايا مكتسبة». فردت عليه المغردة شهيد المقحم: «جميل، إذاً قليل الأدب يمكن معالجته بالتعليم؟ أم هو خلق ولد عليه؟». وكانت إجابة البليهي بأن «المزايا مكتسبة، فالإنسان يولد بقابليات فارغة مفتوحة، فيكتسب الصفات الحسنة أو يبقى أنانياً جاهلاً خشناً عنيفاً، فالجيد لا بد من اكتسابه». وتتابعت بعد ذلك التعليقات فقال المغرد عبدالرحمن مسعود: «لماذا لا يكون العكس أن الأصل فيه التهذيب ولكن الأسرة والمجتمع حوله هم من يغيرون هذا الأصل؟ ليعلق البليهي: «هذا غير منطقي، فقبل أن يكون الهاتف الجوال بيدك سبقته جهود هائلة من التصميم والتصنيع وكذلك مزايا الإنسان مضافة إليه وليست طبيعة فيه». وجاء المغرد عمر البدراني ليضيف: «الإنسان يولد جيداً على الفطرة كما خلقه الله وكرمه، ولكن مما يكتسب قد يكتسب السيئ ويتطبع به». ليعلق البليهي: «العلم والواقع كلاهما يثبت العكس». فطلب المغرد البدراني من البليهي توضيح ذلك بقوله: «أرجو التوضيح كيف يثبت العكس وهو يولد على الفطرة فإما يصبح عالماً أو مجرماً أو...». ويبدو أن تلك كانت قشّة البعير التي أشعرت المفكر السعودي بالملالة وعدم القدرة على متابعة الردود في هذه النقاشات القصيرة المتتابعة التي تحتاج إلى صبر ودقة واختصار، فلم يكن منه سوى أن خاطب البدراني بأنه لا يستطيع في حجم هذه الحروف الصغيرة أن يجيب عليه، وعليه أن يتابع مقالاته في صحيفة الرياض. جاء ذلك عقب اكتمال عام كامل على تواصل البليهي مع جماهيره ومتابعيه ومناكفيه المهتمين بتغريداته المثيرة للجدل، ليختتم في النهاية مسيرته «التغريدية» بقوله: «إن وجدت وقتاً فسأقوم بتفريغ الحساب من محتواه وأنتقي أهم التغريدات والتعليقات، وأعلق عليها مع مقدمة عن التجربة عموماً وأنشرها في كتاب».