يعرض «بينالي برلين» للفن المعاصر الذي تفتتح دورته السابعة في 27 نيسان (أبريل) الجاري تحت عنوان «السياسة والفن»، أكبر مفتاح في العالم صنعه لاجئون فلسطينيون في مخيم عايدة قرب مدينة بيت لحم، قبل نحو عشرة أيام. وسيحظى جمهور الفن الألماني برؤية هذا المفتاح الذي وضعه أهل المخيم على بوابته في إشارة إلى التمسك بحق العودة، لمدة شهرين، على أن ترافقه ندوات ولقاءات مع عدد ممن خطّطوا لصنع المفتاح. اعتبر القائمون على البينالي هذا المفتاح عملاً فنياً سياسياً، يحاكي قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لذا طلبوا استضافته حتى الأول من تموز (يوليو) على أن يُعاد إلى مكانه في مخيم عايدة للاجئين بعد انتهاء المهرجان. وأُنزال المفتاح وسط حفلة جماهيرية خطابية، بحضور شخصيات سياسية ودينية واجتماعية من مختلف المناطق الفلسطينية، لينطلق في رحلته البحرية والبرية إلى ألمانيا، لإلقاء الضوء على أهميته كرمز لقضية اللاجئين وحق العودة. وتقول المنسقة تولين توق ل «الحياة»: «ستستقبل الجالية الفلسطينية في ألمانيا المفتاح الذي سيكون محور ندوة تتناول أهميته كرمز سياسي وفني وما يمثله لقضية حق العودة». وتضيف: «بعيد إنزال المفتاح من مكانه وقّع اللاجئون عليه وكتبوا أسماءهم وأسماء قراهم ومدنهم، ومضى بعدها عبر القرى التي شُردوا منها». وتشير إلى أن هذه الرحلة ستصوّر في فيلم يوثّق لقصة المفتاح وصنعه وطريقة إرساله إلى ألمانيا ثم العودة إلى مكانه على باب مخيم عايدة. وتفيد بأن «إعادة المفتاح إلى مكانه بعد انتهاء عرضه، تسجل رسالة مهمة تؤكد حق العودة للاجئين إلى مدنهم وقراهم في فلسطينالمحتلة». ويصف مدير الأكاديمية الدولية للفنون في رام الله الفنان خالد حوراني حكاية المفتاح والكيفية التي اجتمع عليها الفلسطينيون من أجل الموافقة على فكّه وإنزاله وثم شحنه إلى ألمانيا، بأنها مدهشة. ويروي: «اجتمع أهالي المخيم وعدد من المخيمات الأخرى في الضفة الغربية للبحث في إرسال المفتاح، ودار حوار ناقش أصغر وأكبر التفاصيل، وأهمية أن يتعرف الناس إلى مدلولاته خلال فترة العرض في البينالي». وتولى مبادرة صنع المفتاح عدد من الناشطين في مجال قضية اللاجئين في بيت لحم ومركز «شباب عايدة الاجتماعي» في مخيم عايدة، في عام 2008. وحاول القائمون على هذا المشروع تسجيله رسمياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إذ يبلغ وزن المفتاح المصنوع من الحديد الصلب طناً واحداً، وطوله تسعة أمتار. وثُبّت على بوابة العودة عند مدخل المخيم للتأكيد أن حق العودة غير قابل للبيع. وبالنسبة إلى أجيال اللاجئين يرمز المفتاح إلى حق العودة إلى أراضيهم ووطنهم وأملاكهم. وقد حمل جيل النكبة مفاتيحهم معهم عندما شُرّدوا من منازلهم، معتقدين أن عودتهم إلى ديارهم ستكون وشيكة، إلا أن أكثر من ستين سنة مضت من دون عودتهم، بل تضاعفت أعدادهم إلى نحو خمسة ملايين لاجئ في أنحاء العالم. وتناقلت الأجيال هذه المفاتيح كموروث يربط الناس بمنازلهم التي فقدوها، وكرمز لتمسكهم بحق العودة وحقوقهم الإنسانية الأخرى. وتعتبر توق التي حضرت حفلة الوداع، أن «مشهد وضع المفتاح على شاحنة كبيرة تمرّ عبر الطرق الموازية للقرى التي يسكن أهلها الآن المخيمات في الضفة والشتات، كان مؤثراً جداً». وترى أن «مفتاح العودة نجح في تحقيق جزء من حلم الملايين من اللاجئين الفلسطينيين». أما القرى التي مرّ بها سريعاً فواقعة في الجنوب وهي: بير مسلم، وبيت جبرين، وخربة عطاالله، وعراق المنشية، والفالوجة، وجسير، وتل الترمس، والمسمية الصغيرة، والمسيمة الكبيرة، وعرب صفرير، وصولاً الى ميناء القلاع (أسدود). وتشير توق إلى أن «معظم الفلسطينيين يواجهون قيوداً على حركتهم داخل البلاد وخارجها، وهذا المفتاح يعتبر فرصة لإيصال رسالتهم إلى العالم». ولفتت إلى أن «اللجنة المنظمة لحملة «مفتاح العودة» تؤكد أن هذا التعاون مع «بينالي برلين» السابع هو إنجاز وطني لجميع الفلسطينيين، كونه يحمل رمزية سياسية من شأنها تفعيل الاهتمام والنقاش بمسألة حق العودة ويخلق حالة من التواصل بين مجتمعات اللاجئين على اختلاف أماكن وجودها».