عادت أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور مصر إلى الواجهة، بعدما كلف رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني اللجنة التشريعية في البرلمان إعداد قانون ينظم تشكيل الجمعية، ما رفضته قوى ليبرالية ويسارية بررت ذلك بسيطرة الإسلاميين على لجان البرلمان، بعدما كانت بوادر توافق بدت أول من أمس. ومن المقرر أن يجتمع رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي الأحد المقبل مع قيادات الأحزاب الممثلة في البرلمان. ويفترض أن تنتهي القوى السياسية خلال اليومين المقبلين من صوغ اتفاق على معايير تشكيل الجمعية لعرضها على طنطاوي، لكن من الواضح أن الأزمة تراوح مكانها. وكان مقرراً أمس أن يعقد رؤساء الأحزاب ورؤساء الهيئات البرلمانية اجتماعاً في مقر البرلمان لصوغ مشروع قانون يحدد معايير وآلية اختيار الجمعية التأسيسية قبل إحالته على البرلمان لإقراره، لكن هذا الاجتماع لم يعقد واكتفت أحزاب محسوبة على التيارين الليبرالي واليساري بالاجتماع في ما بينها في مقر حزب «الوفد». وأعلنت هذه الأحزاب في بيان تلاه رئيس «الحزب العربي الناصري» سامح عاشور رفضها تكليف اللجنة التشريعية في البرلمان بوضع مشروع القانون، مشددة على أنها ترفض في الوقت نفسه أي اقتراحات إرجاء نقل السلطة. وقال عاشور خلال مؤتمر صحافي بعد الاجتماع الذي شارك فيه 15 حزباً: «نرفض أي محاولة للالتفاف على حكم القضاء الإداري ببطلان الجمعية التأسيسية وتشكيلها من جديد، وكذلك نرفض سيطرة أي تيار على اللجنة التأسيسية». وأكد «أهمية التوافق على الدستور الجديد بين كل القوى والأطياف المختلفة للشعب». وأعلن أن الأحزاب ال15 قررت توحيد جهود نوابها الذين يصل عددهم إلى ما يقرب من 150 نائباً «من أجل مواجهة أي قوى تحاول احتكار الدستور، وضمان تشكيل لجنة تأسيسية تقوم بوضع دستور مدني تتوافق عليه طوائف الشعب بالكامل». ودعا إلى الاحتشاد اليوم في ميدان التحرير «تحت راية واحدة وهي دستور مدني لكل المصريين، وتأكيد ضرورة استكمال الثورة». وأوضح رئيس حزب «المصريين الأحرار» أحمد سعيد الذي شارك في الاجتماع أن مختلف الأحزاب عقدت اجتماعات للتوافق على معايير كيفية اختيار الجمعية «لكننا فوجئنا بتكليف رئيس البرلمان اللجنة التشريعية بصوغ قانون». وقال ل «الحياة»: «لم يستشرنا أحد قبل الإحالة وكان مقرراً الجلوس للتفاهم لكن فوجئنا بقرار الكتاتني». وشدد على رفض قيام اللجنة التشريعية التي يسيطر عليها الإسلاميون بصياغه القانون. لكن النائب وحيد عبدالمجيد رد بأن «اللجنة التشريعية مهمتها الوحيدة صوغ ما يتم التوافق عليه بين الأحزاب، وليس لها الحق في الاستئثار بوضع مشروع القانون»، مشيراً إلى أن «تكليف رئيس البرلمان للجنة كان محدداً بأن تتلقي الاقتراحات وتصوغ من خلالها مشروع القانون قبل عرضه على البرلمان لإقراره». ولفت عبدالمجيد إلى أن «توافقات حصلت بين الأحزاب خلال اجتماعات واتصالات مستمرة»، موضحاً أنه «تم حسم مسألة عدم تحديد حصص لأعضاء اللجنة من داخل البرلمان ومن خارجه، وسنضع معايير عامة ومن تنطبق عليه سينضم إلى تشكل الجمعية». لكنه أكد في الوقت نفسه أن «النسبة التي سيتم تخصيصها لتمثيل الأحزاب ستعتمد على الأوزان النسبية للأحزاب داخل البرلمان». إلى ذلك، أبدى مسؤول عسكري ل «الحياة» أمس ثقته بأن ملامح اتفاق القوى السياسية ستظهر قبل اللقاء المزمع مع المشير طنطاوي الأحد المقبل. وقال إن «القانون الذي سيصدره البرلمان سيتضمن معايير وآليات اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من الهيئات والمؤسسات والنقابات والشخصيات العامة». ورأى أن «وضع قانون لضوابط ومعايير الجمعية التأسيسية هو الضامن الأساسي لعدم الاعتراض على الجمعية التأسيسية بتشكيلها الجديد وحل الخلاف بين القوى السياسية في شأن التشكيل». وأكد أن «الدستور الجديد سيؤكد مدنية الدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع».