راوح المأزق السياسي في العراق مكانه، وسط استمرار الجدل في شأن بقاء نوري المالكي رئيساً للوزراء لولاية ثالثة أم اختيار شخصية «توافقية» تحل محله. وجاء ذلك فيما انتقل الخلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى قاعات المحاكم الأميركية حيث صدر حكم قضائي لمصلحة حكومة المالكي بمصادرة شحنة نفط كان يحاول الأكراد تصديرها مباشرة من دون المرور عبر وزارة النفط في بغداد. (للمزيد) وكان لافتاً أن تطور هذا الخلاف بين الطرفين تزامن مع زيارات قام بها قادة إقليم كردستان وعلى رأسهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني لقوات البيشمركة المتمركزة في كركوك المتنازع عليها بين بغداد والحكومة الكردية. وقال بارزاني في تصريحات خلال زيارته إن الأكراد باتوا قريبين جداً من «تحقيق النصر النهائي» لقضيتهم، من دون أن يحدد ماذا يعني ذلك علماً أن القادة الأكراد كانوا لوحوا قبل فترة بإجراء استفتاء على الاستقلال. وفي موازاة هذه التطورات السياسية، أعلنت القوات المسلحة العراقية قتل عشرات من مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في مواجهات وعمليات قصف جوي على أكثر من جبهة. لكن مصادر محلية وشهود عيان أكدوا في المقابل إن مقاتلي «داعش» يحاولون التقدم إلى بغداد من الشمال عبر مدينة الضلوعية ومن الجنوب عبر جرف الصخر. ونقلت «فرانس برس» بعد الظهر عن ضابط في الشرطة أن مسلحي «الدولة الإسلامية» فجروا جسراً حيوياً قرب سامراء يربط بغداد مع شمال البلاد يستخدمه الجيش العراقي في نقل إمداداته إلى الجنود قرب تكريت. وأوضح الضابط أن «انتحارياً يقود شاحنة مفخخة فجّر نفسه على الجسر القائم على نهر الثرثار ما أدى إلى انهيار فضاءين (مقطعين) منه». ويخوض الجيش العراقي منذ نحو عشرة أيام معارك ضارية على مشارف تكريت التي سقطت بيد «داعش». في غضون ذلك، أوردت «رويترز» أن السلطات الأميركية تتجه إلى مصادرة شحنة نفط قادمة من إقليم كردستان العراق على متن ناقلة قبالة ساحل تكساس بعدما وافق أحد القضاة على طلب بهذا الشأن من بغداد. ووصلت الناقلة «يونايتد كالافرفتا» قرب خليج غالفستون السبت محملة بنحو مليون برميل من الخام تزيد قيمتها على 100 مليون دولار، لكنها لم تفرغ شحنتها المتنازع عليها حتى الآن. وتشكّل موافقة القاضي الأميركي على طلب بغداد ضربة جديدة لمحاولات حكومة كردستان الرامية إلى بيع شحناتها النفطية بشكل مستقل. وتعتبر بغداد هذه المبيعات النفطية تهريباً. وقلّصت بغداد موازنة الإقليم منذ بداية العام بسبب الخلاف على مبيعات النفط. وعارضت واشنطن مبيعات النفط الكردية وعبرت عن مخاوفها من أن تساهم مبيعات النفط المستقلة من إقليم كردستان في تفكك العراق لكنها لم تحظر على الشركات الأميركية شراء الخام. وكان خفر السواحل الأميركي وافق الأحد على قيام الناقلة التي لا تستطيع دخول الموانئ القريبة من هيوستون والرسو فيها بسبب حجمها الكبير بنقل حمولتها إلى سفن أصغر لشحنها إلى البر الأميركي. غير أن الحكومة المركزية في العراق أقامت دعوى بخصوص الشحنة يوم الاثنين. وينص أمر القاضي على السماح للسفينة بحرية التحرك بعد تفريغ الشحنة. وفي الماضي كانت صادرات النفط ترسل من إقليم كردستان إلى تركيا وإيران من حين لآخر عن طريق الشاحنات وهو ما اعترضت عليه بغداد أيضاً. لكن تدشين خط أنابيب جديد إلى تركيا في وقت سابق هذا العام والذي قد يدر إيرادات أكبر بكثير على الأكراد، لقي معارضة أشد من بغداد. ويُقدّر حجم احتياط النفط في آبار شمال العراق بنحو 45 بليون برميل، بحسب ما تقول حكومة إقليم كردستان التي عززت وضعها الميداني على حساب بغداد في حزيران عندما دخلت قوات البيشمركة إلى كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بعدما فر منها الجيش العراقي خلال هجوم شنه مقاتلو «داعش». ورحبت وزارة النفط العراقية أمس بقرار مجلس الأمن الذي أيّد مبادرة روسية لحظر تجارة النفط «مع التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية (داعش) و(جبهة النصرة)». واعتبرت الوزارة هذا الإعلان «خطوة بالاتجاه الصحيح».