لوكسمبورغ، دمشق، لندن - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - وسط قلق دولي كبير من تأثير استمرار العنف في سورية على خطة المبعوث الأممي- العربي كوفي أنان والتي تنص في بندها الأول على وقف إطلاق النار وسحب الآليات الثقيلة من المناطق السكنية، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الوضع على الأرض في سورية «لا يزال هشاً»، معترفاً للمرة الأولى ان عدد المراقبين المفترض إرسالهم إلى سورية خلال الأسابيع القليلة المقبلة والذي يبلغ نحو 250 شخصاً «ليس كافياً» لتغطية الأراضي السورية، وأن هناك حاجة لزيادة عددهم، كما تحدث بان عن بحث توفير الاتحاد الأوروبي مروحيات أو طائرات تتبع لبعثة مراقبة وقف إطلاق النار لمساعدة المراقبين في رصد ما يحدث على الأرض. وهذه هي المرة الأولى الذي يتحدث فيها أمين عام الأممالمتحدة عن إرسال أي قطع عسكرية إلى سورية في إطار مهمة المراقبين. في موازاة ذلك اكد رئيس فريق المراقبين الدوليين العقيد احمد حميش أن مهمة البعثة «صعبة»، مشدداً على ضرورة التنسيق «مع جميع الأطراف». وبالرغم من استمرار الاشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضة، قال أمين عام الأممالمتحدة إن وقف إطلاق النار «تمت مراعاته بصفة عامة». غير أنه اقر في الوقت ذاته أن البعثة المكونة من 250 مراقباً لن «تكون كافية في ضوء الموقف الحالي واتساع رقعة البلاد». وتابع: «لذلك فإننا بحاجة إلى ضمان قدرة بعثة مراقبينا على التحرك بفعالية». وقال بان في لوكسمبورج إن الأممالمتحدة طلبت من الاتحاد الأوروبي تقديم طائرات هليكوبتر وطائرات لتحسين القدرة على التحرك لدعم مهمة المراقبين في الرقابة والرصد على الأرض. وبحسب بان فإن هذه الأفكار ستقترح اليوم رسمياً على مجلس الأمن الدولي في نيويورك. وأكد بان انه أجرى في بروكسل محادثات مع المسؤولين الأوروبيين ومن بينهم رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ووزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين اشتون لرؤية «ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على تأمين معدات تضمن قدرة تحرك فعالة، بما فيها مروحيات وطائرات». وقال «اعتقد أن المسؤولين الأوروبيين يؤيدون ذلك» مشيراً إلى «عدم البحث في حماية عسكرية تؤمنها الأممالمتحدة في الوقت الحاضر». ومن غير المعروف ما إذا كان نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيسمح بمزيد من قوات الأممالمتحدة وإرسال طائرات إلى بلاده لمساعدة عمل المراقبين، كما انه من غير الواضح ما إذا كانت روسيا والصين ستضغطان عليه لدعم هكذا فكرة. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الحكومة السورية إلى ضمان حرية حركة كاملة للمراقبين الأجانب. وأضاف أن المراقبين الذين وصلت طلائعهم مساء الأحد «يجب أن يسمح لهم بالتحرك بحرية في أي مكان لكي يكونوا قادرين على مراقبة وقف أعمال العنف». وإضافة إلى المراقبين الستة الذين وصلوا الأحد والذين سيرتفع عددهم إلى نحو ثلاثين خلال أيام، من المتوقع أن يتم لاحقاً تعزيز هذه القوة لتصل إلى نحو 250 مراقباً، إلا انه للمضي قدماً في هذه الخطوة لا بد من قرار جديد من مجلس الأمن. وفيما ما زال المراقبون يتلمسون خطواتهم في سورية ويجسون نبض الأطراف المعنية على الأرض، اكد رئيس فريق المراقبين العقيد احمد حميش أن مهمة البعثة التي اقرها مجلس الأمن الدولي «صعبة». وقال حميش في تصريح مقتضب إلى الصحافيين امس قبل مغادرته مكان إقامته في احد فنادق دمشق «إنها مهمة صعبة». وأضاف «لا بد من التنسيق والتخطيط والعمل خطوة خطوة. الأمر ليس سهلاً ولا بد من التنسيق مع جميع الأطراف، مع الحكومة بالدرجة الأولى ثم مع جميع الأطراف». وقال حميش قبل لقائه مسؤولين سوريين إن المراقبين سينظمون أنفسهم ليكونوا مستعدين للقيام بمهمتهم في أقرب وقت ممكن. ولدى سؤاله عما إذا كان متفائلاً بأن بعثة المراقبين يمكنها تعزيز وقف إطلاق النار، أجاب بأن جميع أعضاء فريق حفظ السلام «متفائلون». وأقام فريق المقدمة مقر عمليات في مكتب قائم للأمم المتحدة في دمشق وزار وزارة الخارجية السورية. وتقول دمشق انه كما هي الحال في بعثة مراقبة الجامعة العربية فإن كل «الخطوات على الأرض» من جانب البعثة غير المسلحة للأمم المتحدة يجب تنسيقها مع الدولة من اجل سلامة أعضائها. وأمام فريق المراقبين وقت قصير نسبياً لإظهار انهم قادرين على إحداث تغيير على الأرض، وإلا خاطروا بفقدان ثقة السوريين والكثير من الأطراف الإقليمية والدولية. وكانت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة سوزان رايس حذرت من أن استمرار العنف سيضع علامات تساؤل أمام مهمة المراقبين. وقالت للصحافيين أول من امس في نيويورك»إذا استمر العنف ولم تصمد الهدنة أو وقف العنف ... فإن ذلك سيثير شكوكاً في صواب وجدوى إرسال فريق المراقبين كاملاً». والعقيد المغربي حميش هو ثاني ضابط من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يتم إرساله إلى دمشق للتحضير لبعثة مراقبة. وكان الجنرال النرويجي روبرت مود توجه بفريق من عشرة أفراد إلى سورية في الخامس من نيسان (أبريل) وعاد إلى جنيف في العاشر من نيسان لتقديم تقرير إلى أنان. لكن مود عاد بعد ذلك إلى أوسلو ولم يسمع عنه أي شيء علانية منذ ذلك الحين. ونفت الأممالمتحدة وجود أي مشكلة معه. لكن سفير روسيا لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين اتهم مود «بالتخلي عن منصبه في منتصف المهمة». وكان بان قال في مقابلة مع إذاعة المنظمة الدولية في جنيف أول من امس إن الفريق الطليعي سيحاول «تقديم مقترحات ملموسة بحلول الثامن عشر من نيسان من أجل بعثة مراقبين رسمية». ورداً على سؤال عن السبب الذي جعل أنان يسعى لنشر قوة مراقبة قوامها 250 فرداً فقط وهو عدد اصغر كثيراً من بعثات لحفظ السلام في أماكن أخرى، اكتفى احمد فوزي الناطق باسمه بقول إن أنان يعتقد أن هذا العدد سيفي بالغرض في الوقت الراهن. وتشارك الأممالمتحدة ببعثة حفظ سلام على جزء من الأراضي السورية يواجه مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. لكن قوة الأممالمتحدة لفض الاشتباك والمؤلفة من 1040 فرداً وبضع عشرات من ضباط منظمة الإشراف على الهدنة التابعة للأمم المتحدة ليس لها أي دور في الأزمة الداخلية في سورية.