نجح المشاركون في اجتماع اسطنبول في التوافق علي مواصلة المفاوضات الديبلوماسية. ولكن تقويم نتائج هذا الاجتماع معلقة الى حين انعقاد الجولة الجديدة من المفاوضات في بغداد. ونتائج هذه المفاوضات هي رهن ما ستبادر اليه المجموعة الغربية، والولايات المتحدة على وجه التحديد، في الأيام الأربعين القادمة. وإذا أحجمت هذه الدول عن فرض عقوبات جديدة وسعت الى تعديل العقوبات الحالية المفروضة علي ايران، ساد التفاؤل. لكن اذا سارت الأمور على نحوها السابق، وفرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على ايران، ثبتت مواصلة المجموعة الغربية سياسة العصا والجزرة، وإخفاق المفاوضات المقبلة قبل أن تبدأ. ويسود الاعتقاد ان الجانبين يمتلكان الوقت لصوغ برنامج محادثات بغداد الذي ينقسم الي شقين، الأول الذي يدور على الموضوع النووي، والثاني على القضايا التي يسع طهران أن تؤدي فيها دوراً مهماً. وسبق أن اشارت المقترحات الإيرانية في 2009 لمجموعة خمسة زائد واحد الى هذه القضايا. ولا يستهان بأهمية اجتماع اسطنبول الذي عقد بعد انقطاع المفاوضات. ويفترض باجتماع بغداد ان يتناول القضايا المهمة المشتركة. ونتمني ان تسير المفاوضات المقبلة في اطار المصالح الوطنية الإيرانية. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية تحملت في العقدين الماضيين المتاعب والمشكلات بسبب برنامجها النووي، ودفعت ضريبة مرتفعة مقابل التوصل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الي نقطة نستطيع من خلالها العمل وفق قوانين هذه الوكالة من اجل الحصول علي الدورة الكاملة للتقنية النووية. وفي اجتماع اسطنبول، حاول الجانبان مواصلة المساعي الديبلوماسية لإنجاح المفاوضات. وحرص الجانبان على إبراز ايجابية المفاوضات وعدم التطرق إلى ما من شأنه تعكير الأجواء. ولا شك في ان الأيام الأربعين المقبلة ستحدد مستقبل محادثات بغداد، علي رغم العلاقة المتوترة التي تحكم ايران بمجموعة «خمسة زائد واحد»، لكن قضية العقوبات ستبقي محك سير المفاوضات المقبلة. وأرى ان ثمة ضرورة لتناول محادثات بغداد موضوعات اخري غير الموضوع النووي. فإذا ارتضت ايران قصر المفاوضات على الموضوع النووي وحده، قبلت الجلوس في قفص الاتهام للدفاع عن نفسها. وإذا ناقشت القضايا الأخري، ثبت أنها طرف من الأطراف علي طاولة المفاوضات. وعلي اي حال فإن ايران تستطيع ان تؤدي دوراً دولياً مؤثراً. وعلي رغم التزامنا التفاؤل الحذر، تبرز الدول العربية المحافظة الأثر السلبي للدور الإيراني. فبعض الأطراف الإقليمية يصر علي معاقبة ايران. وسعت الدول العربية خلال العقود الثلاثة الماضية الي تقويض دور ايران الإقليمي من خلال «ضغوط» مارستها علي الدول الغربية. وعليه، لا تنظر هذه الدول بعين الرضى الى النتائج الإيجابية التي يتوصل اليها الجانبان الإيراني والغربي. واجتماع اسطنبول أبرز مواقف جميع الأطراف، ومنها الإقرار بحق ايران في امتلاك الطاقة النووية في اطار قوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية. * عضو لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشوري الإيراني، عن «ارمان» الإيرانية، 16/4/2012، إعداد محمد صالح صدقيان