خلال آذار (مارس) الماضي، تقدَّم وزير الاعلام اللبناني وليد الداعوق الى مجلس الوزراء بطلب الموافقة على مشروع قانون أعده لتنظيم الاعلام الالكتروني. المشروع، الذي يؤكد الداعوق انه «اختياري»، سبقته موجة احتجاجات من مدونين وعاملين في مواقع إلكترونية اعتبروه «مسّاً بالحريات العامة والحريات الإعلامية والإلكترونية وتقييداً لها». ورفع المحتجون الأحرف الأولى من المشروع بالإنكليزية، ليطلقوا حملتهم: «Stop LIRA»، على غرار حملات عالمية لإيقاف مشاريع في أميركا وغيرها. يستغرب الداعوق الحملة، ويقول ل «الحياة» إنه ليس إلا محاولة لسد فراغ في جدار القوانين الاعلامية التي ليس فيها إشارة إلى الإعلام الإلكتروني ريثما تنتهي لجنة الإعلام والاتصالات النيابية من إعداد قانون جديد للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والالكتروني قد يستغرق سنوات طويلة، إذ إن اللجنة تعمل على مشروعين: أحدهما مقدم من النائب غسان مخيبر وآخر من النائب روبير غانم، اضافة الى اقتراحات النقابات. ويقول: «ربما يستغرق الأمر 20 سنة، نكون حينها وصلنا الى عصر آخر في مجال الإعلام». ويشير الداعوق الى أنه انطلق في مشروعه من محاولة ل «تحسين ادارة المعلومات، فالموقع الإلكتروني (الاخباري) يشتري الأجهزة ويدفع الرواتب للعاملين الذين يبذلون جهداً يضعونه على الموقع، ثم يأتي من يأخذ هذا العمل وينسبه الى نفسه من دون بذل أي جهد ومن دون وجود آلية لملاحقته وللدفاع عن حق الموقع، لذلك ارتأيت العمل على وضع مشروع يحمي هذه المواقع ويفسح المجال لتطويرها». ويضيف: «من ناحية ثانية، انا املك خبرة في قانون تجارة الغرف، الذي يفرض على كل تاجر، سواء أكان شخصاً أم شركة، ان يسجل في السجل التجاري ليمارس تجارته. كما هناك غرف تجارة تعطي المنتسبين اليها ضمانات وصدقية شرط تحديد مكان عملهم. أنا انطلقت من هنا بطلب تحديد الموقع، الاسم والعنوان، لكنني قلت أيضاً إن هذا الأمر اختياري، ولمن يرغب بالتعريف عن نفسه في وزارة الإعلام فقط، وليس بالتسجيل». ويوضح: «أردت أولاً أن أبيِّن للقارئ ما اذا كان الموقع الذي يطالعه عرّف وبإرادته عن نفسه في وزارة الاعلام او لا. وبهذا أستفيد من ناحيتين: الاولى حماية مضمون ما ينشره الموقع من السرقة وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية، وثانياً السماح للمتضرر من مواد نشرها الموقع برفع دعوى ومطالبته بحق الرد، وفقاً للقانون». أما عن سبب إلحاق الإعلام الالكتروني بقانون المطبوعات وليس المرئي والمسموع، فيقول الداعوق: «قانون المطبوعات معروف ويكفل حرية التعبير وغيرها»، لكنه يؤكد أن «هذا كله موقت، ريثما يصدر قانون الاعلام الذي تعمل عليه اللجنة، وبعدها يمكن ان يلغوا هذا المشروع «. ويتحدث الداعوق عن ركيزة اجرائية في المشروع، قائلاً: «استناداً الى أن اصدار القوانين في المجلس النيابي يتطلب وقتاً طويلاً، طلبت أن ترجع الأمور التطبيقية الى مجلس الوزراء، لأنني أردت شيئاً يواكب سرعة التطور في مجال التكنولوجيا». وعن الذين استشارهم خلال الإعداد للمشروع، يقول الداعوق: «بحثت الامر مع أشخاص مطّلعين ومع جمعيات -مثل «مهارات»- خلال زياراتهم لي ومع إعلاميين ومواقع الكترونية»، مسجلاً على نفسه غلطة «أنني لم أعمل lobbying للمشروع. تخيلت أن الجميع سيتلقفونه لأنه سيقفل ثغرة في القانون، لكن تبين أن السياسة دخلت». مهنا في المقابل، يستهل مدير مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية «سكايز» أيمن مهنا، حديثَه عن المشروع بالقول: «الله يرحمه»، معتبراً أنه «في حال موت سريري»، وأن «الداعوق نفسه يبدو أنه تراجع عنه عندما قال إنه اختياري». لكن قبل طيّ صفحة المشروع، يعدد مهنا اعتراضات المركز، واولها أنه «فضفاض، فهو -كما سُمّي- عن الإعلام الالكتروني، ولكن لم يرد ذلك فيه صراحة، وما ورد في المادة الثانية منه ينطبق على أي موقع، سواء كان إخبارياً أو مدونة أو موقع تواصل». أما الاعتراضات الاخرى، فيضيف مهنا: «ما هي الإمكانية لتطبيق قانون المطبوعات الذي صدر عام 1963 على تكنولوجيا ظهرت بعده ب30 سنة؟ وثالثاً، تحدث المشروع على الحريات، وأيضاً عن احترام الاخلاق والآداب العامة بطريقة تشبه سلطة الرقابة. ونحن نعلم الاستنسابية التي تستخدمها السلطات في فرض الرقابة». ويشير أخيراً الى «عدد كبير من النقاط المبهمة في المشروع، والتي يطمئننا الوزير الى أنه سيتم تفسيرها في مراسيم تطبيقية تصدر عن مجلس الوزراء، لكن لا يمكن أن نترك موضوعاً بهذه الاهمية لأهواء الحكومة». واذ يرفض مهنا تحديد مدير مسؤول للموقع، يستغرب سبب تحديد المشروع أنه لا يسمح لشخص واحد بأن يكون مديراً مسؤولاً لأكثر من موقع، سائلاً: ما الذي يمنع أن يكون الشخص مديراً مسؤولاً عن موقع عن الطبخ وآخر عن السيارات أو موقع اخباري بالفرنسية وآخر بالعربية؟». ويؤكد مهنا أن «هذا المشروع هو لزوم ما لا يلزم»، ويعتبر أنه « في حال أراد الوزير أن يفرض التزامات على المواقع الاخبارية نتفهم ذلك، لكن شرط أن يحدد ذلك». اما عن المواضيع الأخرى، كسرقة الشخصية وحماية الملكية الفكرية، فيقول مهنا إنها «تشغل العالم، غير ان المشروع مر عليها في شكل عرضي». وعن التواصل مع الداعوق، يقول مهنا: «في الفترة الاخيرة لا تواصل في هذا الشأن مع الوزير، لكن علاقتنا معه جيدة، والنقاشات السابقة كانت ايجابية وبناءة»، مجدداً التأكيد أن وزير الإعلام «تسرّع في صوغ المشروع، ولم يجر البحث الكافي مع المتخصصين والخبراء».